16 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر..ابتسار العدالة

25 مارس 2014

الحكم باعدام 529 مصريا، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والفكرية، يقدح في نزاهة القضاء، آخر قلاع العدالة التي كانت تفتخر بها مصر طوال تاريخها، ويعد انتهاكا صارخا للقيم والقوانين والمواثيق الدولية، كما ان سرعة اصداره تبين طبيعته الانتقائية، ولا يماثله إلا الاحكام العسكرية التي تهدر قيم العدالة ولا تقيم وزنا للحق في الحياة والدفاع في كافة مراحل التقاضي، ويعد ذلك اكبر عدد من الاحكام بالاعدام يصدر في محاكمة واحدة في تاريخ مصر.يثير الحكم بالاعدام القلق العميق، رغم امكانية الاستئناف، لانه لا يتناسب مع المعايير العدلية والدولية، خاصة أن المحاكمة جرت خلال 48 ساعة، وهذا في حد ذاته انتقاص وابتسار للعدالة.غابت عن هذا الحكم ضمانات المحاكمات العادلة، والمنصفة، ومراعاة طبيعة الوضع السياسي، كما يعد تكريسا لانقسام في الرأي العام ولا تنفصل عن تطورات الوضع بعد اطاحة الرئيس المنتخب.يخالف حكم الاعدام الصادر بحق المتهمين، اتفاقيات تعهدت الدولة المصرية باحترامها، وصادقت عليها، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وايضا المواثيق والتشريعات الدولية ذات الصلة بحماية الحق في الحياة.هذا الحكم، سيعقد المشهد في مصر، ويفاقم حالة الاحتقان، اكثر مما هي عليه الان، وبمثابة صب الزيت على النار، وسيوتر الحياة في وضع بات مفتوحا على كل الاحتمالات ويثير مخاوف من تفجر الوضع في المجتمع المصري.الازمة في مصر، لها تداعياتها السياسية والامنية، واذا لم يحتكم الجميع الى صوت العقل،فان الوضع قابل للانفجار، وهذا لا يريده الجميع، لكن الامل في استعادة العدالة في مرحلة الاستئناف، والاهم من ذلك ان تتصالح مصر مع ذاتها، وان تخرج من نفق الازمة بحوار وطني جاد ينهي حالة الاستقطاب، والبحث عن صيغة ومعادلة جديدة بالعودة الى المسار الديمقراطي، وان تكون الشرعية للشعب، مرحلة يسود فيها المنطق لا منطق القوة وان تكون المؤسسة العسكرية ضامنا للمسار الديمقراطي ولا تنقلب عليه لانها صمام الامان لمصر.