19 سبتمبر 2025

تسجيل

ملفات وتحديات اقتصادية أمام قمة بغداد

25 مارس 2012

تستضيف العاصمة العراقية بغداد القمة العربية رقم 23 بتاريخ 29 مارس الجاري مثقلة بملفات اقتصادية متنوعة. طبعا؛ يضاف لذلك التطورات السياسية محط اهتمام العالم العربي وفي مقدمة ذلك تداعيات الربيع العربي. وفي كل الأحوال لا يمكن تجاهل الخسائر المالية للربيع العربي كما تبين من دراسة أعدتها شركة (جيوبوليسيتي) والمتخصصة في استشارات المخاطر لصالح صندوق النقد الدولي. فقد قدرت الدراسة كلفة الربيع العربي حتى شهر سبتمبر 2011 نحو 56 مليار دولار. تتوزع التكاليف ما بين 21 مليار دولار على شكل انخفاض لقيمة الناتج المحلي الإجمالي من جهة وتآكل المالية العامة بقيمة 35 مليار دولار عبر انخفاض الإيرادات وارتفاع التكاليف من جهة أخرى. تتوزع الخسائر على النحو التالي: سوريا 27.3 مليار دولار، ليبيا 14.2 مليار دولار، مصر 9.8 مليار دولار، تونس 2.5 مليار دولار، البحرين 1.1 مليار دولار وأخيرا اليمن مليار دولار. ويلاحظ في هذا الصدد أن سوريا الخاسر الأكبر اقتصاديا حتى قبل تفاقم الأزمة في الشهور القليلة الماضية. وعليه ليس من الخطأ الزعم بارتفاع مستوى الخسائر الاقتصادية في الحديث المتواتر عن تراجع أداء مختلف القطاعات والمؤشرات الاقتصادية خصوصا كل ما له علاقة بصناعة السياحة بسبب تواتر الكلام حول تراجع أعداد الزوار. كما لاحظت دراسة أخرى نشرت نتائجها في شهر فبراير من العام الجاري ارتفاعا في حجم الخسائر حتى 96 مليار دولار في الآونة الأخيرة. وتبين أن الضرر المادي قد أصاب القطاع السياحي عبر تراجعه في المتوسط بنسبة 18 في المائة. عودة للموضوع الأساسي توجد ملفات اقتصادية صعبة أمام القادة بدءا بالبطالة وليس انتهاء بضعف التبادل التجاري في العالم العربي. فهناك معضلة إيجاد فرص عمل للمواطنين حيث الحاجة لخلق أكثر من 20 مليون فرصة عمل مع حلول العام 2020. بل ليس من الخطأ الزعم بأن الظروف الاقتصادية غير الإيجابية من قبيل انتشار البطالة لعبت دورا محوريا في انطلاق الربيع مع خيار محمد البوعزيزي والذي آثر حرق نفسه لأسباب تشمل صعوبة الحصول على وظيفة محترمة توفر له سبل العيش الكريم. كما عانى الاقتصاد المصري من معضلات جمة في الفترة التي سبقت سقوط نظام الرئيس حسني مبارك وفي مقدمتها البطالة، حيث كانت تبلغ نحو 10 في المائة حسب الإحصاءات لكن أعلى من ذلك استنادا لمصادر أخرى. بل لا تشمل هذه الإحصائية نواقص أخرى مثل استعداد الكثيرين للعمل في وظائف تقل عن مستوياتهم العلمية والعملية لكنهم لا يجدون بدا من قبولها لضمان تأمين لقمة العيش لهم ولأحبتهم. أما فيما يخص الحديث عن الشأن اليمني فحدث ولا حرج، حيث المعاناة من ثنائي البطالة والفقر. تقدر نسبة البطالة بنحو 35 في المائة ومرشحة أن تبقى مشكلة في المستقبل المنظور. يشار إلى أن 43 في المائة من السكان في اليمن هم دون 20 سنة ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة منهم لسوق العمل في السنوات القليلة القادمة والحالة ليست مغايرة عن ذلك في العديد من الدول العربية الأخرى.مؤكدا: سوف يتم التطرق خلال القمة لموضوع تعزيز دور القطاع الخاص في اقتصادات الدول العربية من خلال مبادرة دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في طول وعرض الوطن العربي. وقد تم الكشف عن المبادرة الطموحة من خلال مبادرة أطلقتها الكويت وهي الدولة التي استضافت أول قمة اقتصادية عربية في يناير 2009. يهدف المشروع إلى توفير خيار دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة للقطاع الخاص في العالم العربي وبشروط ميسرة نسبيا. يعد هذا الأمر حيويا في ظل تداعيات تكرار الأزمات المالية العالمية وآخرها معضلة المديونية في دول مجموعة اليورو وعلاقة ذلك بمسألة الحصول على فرص تمويل لمستثمري القطاع الخاص على فرص تمويلية. يبلغ حجم رأسمال الصندوق ملياري دولار مما يعني أنه مبلغ كبير. وكان لافتا تقديم الكويت مساهمة قدرها 500 مليون دولار الأمر الذي شكل انطلاقة قوية للصندوق. إضافة إلى ذلك، هناك ملف التجارة البينية بين الدول العربية، حيث تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى أن مستويات التجارة البينية لا تتجاوز 15 في المائة من تجارتها مع العالم. بل إن السواد الأعظم من هذه التجارة هي بين دول مجلس التعاون الخليجي على خلفية تطبيق مبدأ الاتحاد الجمركية في بداية العام 2003 والذي يلزم الدول بتوحيد سياساتها التجارية مع الدول غير الأعضاء. كما نفذت دول مجلس التعاون بتطبيق مبدأ السوق المشتركة في بداية العام 2008 مما يعني إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء دون أي عراقيل. تشير الإحصاءات المتوافرة والقليلة أصلا إلى أن هناك تجارة محدودة بين الدول العربية، حيث لا توجد تجارة بينية تذكر بين البحرين وموريتانيا، والحال نفسه ينطبق بين المغرب وجزر القمر. لكن هناك تجارة قوية نسبيا بين دول مجلس التعاون من جهة والهند من جهة أخرى. لا شك في أن أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك هو عامل الجغرافيا دونما إغفال للعوامل الأخرى منها القدرات الاقتصادية للدول الأعضاء وعددها 22 في الجامعة العربية. بالمقابل تشتهر دول الاتحاد الأوروبي بأن تجارتها البينية تشكل أكثر من نصف تجارتها مع العالم الخارجي لأسباب جغرافية فضلا عن وجود مواطن قوة مختلفة وبالتالي مكملة لبعضها. يتميز الاقتصاد الألماني بالقطاع الصناعي مثل صناعة السيارات والمعدات مقابل تميز في الاقتصاد البريطاني في قطاع الخدمات المالية والإسباني في القطاع الزراعي. ونظرا لصعوبة اتخاذ بعض القرارات، يتوقع إحالة الكثير من الملفات الاقتصادية للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة والمزمع إقامتها في السعودية في العام 2013.