12 سبتمبر 2025

تسجيل

حق القارئ

25 يناير 2016

لا شك بأن رأي القارئ لأي نص شعري أو روائي، يعد عند الكاتب من الأشياء المهمة، وبالتحديد من الأعمدة التي ربما ترتكز عليها كتابته بعد ذلك، بالرغم من أن بعض الكتاب يتعالون على القارئ، ولا يهتمون بآرائه، ناسين أنهم يتوجهون إليه وحده، ولولا وجود قارئ ما وجدت الكتابة أصلا. وقد سعدت كثيرا بظهور أجيال جديدة من القراء المحنكين، يمكنها أن تشارك الكاتب خفقاته وانفعالاته، وتتعمق في نصه بعيدا، وتخرج بأشياء ربما لم يكن الكاتب نفسه يستطيع استخراجها لولا هؤلاء القراء. الآن توجد على الإنترنت، كما هو معروف، عشرات المواقع العربية والأجنبية التي تشجع على القراءة، وتساهم في انتشار الكتاب، فالذي تعجبه رواية أو مجموعة شعرية، لا يحتفظ بإعجابه داخله، وإنما يبثه لأصدقائه ومعارفه، الذين يسرعون باقتناء الكتاب، ويتحدثون عنه بعد لك.منتديات القراءة تلك، أصبحت تقوم بمهام المقاهي الثقافية التي كانت سائدة فيما مضى، وقد جلست في العديد من تلك المقاهي أيام بداياتي في مصر ورأيت كيف كان الناس يبدون آراءهم في الكتابة، وكيف أن كتابا مغمورا، سطع فجأة وسطا على ذهن القارئ، لأن عدة قراء مهمين، تحدثوا عنه باحترام، ومن تلك الكتب كما أذكر، رواية "العطر" للألماني "باتريك زوسكيند" التي تتحدث عن صانع العطور القاتل في بحثه عن عطر إنساني، ورواية "عالم صوفي" التي تتحدث عن تاريخ الفلسفة، وكثير من الروايات العربية الجميلة التي ما كان لها أن تنتشر كل ذلك الانتشار لولا وجود مَن قيمها انطباعيا، بعيدا عن تعقيدات النقد الأكاديمي.من تلك المواقع الحافلة بالنشاط القرائي، موقع "جود ريدز"، وتعني القراءة الجيدة. كل قارئ يمكنه أن يسجل حسابا في ذلك الموقع، يمكنه أن يضع قائمة بالكتب التي قرأها أو يريد قراءتها، أو التي أوصى بها أحد أصدقائه. يمكنه أيضا أن يضع رأيه في الكتاب بلا تردد، ويشارك الآخرين آراءهم فيه، وفي النهاية يمكنه أن يقيم الكتاب باختيار نجمة أو نجمتين أو حتى خمس، حسب رأيه.ولأن القائمة الطويلة أو القصيرة من جائزة البوكر العربية، تعد موسما خصبا للقراءة، بتنويهها للكتب المختارة، فإن القراء دائما ما يمنحونها أولوية خاصة، يضعون القائمة، ويبدؤون في تشريحها، وربما منحوا احترامهم لرواية دخلت القائمة الطويلة، وخرجت، وعدم احترامهم لرواية وصلت حتى القائمة القصيرة، أو حتى نالت الجائزة الكبرى. إنها التقنية نفسها المتبعة في منح بعض الجوائز الغربية، منها جائزة في اسكتلندا، حيث ترشح لجان التحكيم عدة كتب للجائزة، وتترك أمر اختيار الكتاب الذي سيفوز بها، لترشيحات القراء، وبالطبع المسألة هناك قائمة على ترشيحات حقيقية، وليست نابعة من تعصب لبلد ما، جاء منه المبدع، كما هو الحال عندنا.لذلك وإيمانا مني بضرورة القارئ الذي أثق في بعض تقييماته، وضعت على غلاف الطبعة الثانية من كتابي السيري "قلم زينب"، آراء القراء ممن قرأوا الطبعة الأولى، وليس آراء النقاد كما اصطلح على ذلك. فقد اعتبرت هؤلاء القراء، أعمدة أساسية في الارتقاء بالعمل الإبداعي. وأنوي مستقبلا أن أملأ الأغلفة الخلفية لرواياتي بآراء القراء سلبية كانت أو إيجابية.