18 سبتمبر 2025

تسجيل

دور جوهري للعمالة الهندية في الخليج

25 يناير 2015

وفرت لي زيارتي إلى نيودلهي وحيدرأباد وبنغالور الأسبوع الماضي فرصة للاطلاع على أحدث الإحصاءات المتاحة بخصوص العمالة الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي. يندرج هذا الجهد في إطار بحث أوسع يتعلق برفاهية العمال المهاجرين لدول مجلس التعاون.فمن أصل نحو 22 مليون يعملون ويعيشون في الخارج بما في ذلك الهنود غير المقيمين يعمل ما بين 6 و7 ملايين من الهنود في دول مجلس التعاون. الإحصاءات هذه مسنودة للوزارة المعنية بشؤون الهنود في الخارج وتم نشرها في كتاب صادر من معهد دراسات الأمن والدفاع في العاصمة نيودلهي يتناول التطورات في الخليج.حقيقة القول، تستضيف منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا وليس دول مجلس التعاون الخليجي العدد الأكبر من العمال الهنود، وتأتي منطقة الخليج في المرتبة الثانية. بيد أنه يتجلى وجود العمالة الهندية بشكل واضح في المنظومة الخليجية بالنظر لبعض الحقائق الديموغرافية والفرق في عدد السكان بين الخليج وجنوب شرق آسيا. لا غرابة، يعتبر الهنود أكبر عدد من العمال الوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي. والأهم من ذلك، يشكل الهنود ثلث السكان على الأقل في البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة.وربما يكون العدد الفعلي للهنود في دول مجلس التعاون الخليجي أعلى من المشهور في ظل رغبة لدى الطرفين بالتقليل من وجود عمالة وافدة على حساب السكان المحليين. وفي هذا الإطار، تتميز المنظومة الخليجية على سائر بلدان العالم بالسماح للعمالة الأجنبية بالعمل في بلدانها بل منافسة المواطنين الأمر الذي يشكل تطبيقا لمبادئ عصر العولمة ودليلا ماديا على مدى انفتاح الاقتصادات الخليجية. من شأن هكذا سياسية المساهمة في تعزيز روح العمل والمنافسة لدى العمالة المحلية في ظل وجود البديل.في المقابل، تضع العديد من الاقتصادات قيودا على العمالة الأجنبية بغية ضمان ذهاب فرص العمل للعمالة المحلية أو تلك التي تتبع كيانات اقتصادية مثل الاتحاد الأوروبي. من جملة الأمور، يترك التواجد المميز للعمالة الهندية بصماته على التركيبة الديمغرافية لدول مجلس التعاون الخليجي. المشهور بأن التوزيع النسبي للجنسين بين المواطنين عبارة عن 50/50 بطريقة أو أخرى. لكن تصبح الغلبة للذكور من مجموع السكان في نهاية الأمر لكون السواد الأعظم من العمال المهاجرين بمن فيهم الهنود من الذكور.بالنسبة للكثيرين يكمن أحد أسباب عدم جلب الأسر إلى محدودية الراتب المكتسب، بل يوجد توقع وهو مفهوم بأن المطلوب من العمالة المهاجرة تحويل أموال للبلد الأم من أجل الحفاظ على المتطلبات المعيشية لأحبائهم.وفي هذا الصدد، تشير إحصاءات البنك الدولي إلى استقطاب الهند تحويلات بحدود 69 مليار دولار أمريكي في عام 2013 وهي آخر سنة تتوفر حولها أرقام أي الأعلى في العالم. كما يعتقد على نطاق واسع بأن ثلث هذا المبلغ مصدره دول مجلس التعاون وبالتالي ما يعد المصدر الأهم للتحويلات. وهذا يعني بأن الهند تحصل على عملات صعبة بمبالغ ضخمة جراء عمل عمالتها في المنظومة الخليجية. وفي كل الأحوال، تزداد الأهمية النسبية للتحويلات المالية في الاقتصاد عبر ما يعرف بمضاعف الدخل من خلال عمليات التبادل التجاري، حيث يتحول الدولار لأكثر من دولار في نهاية المطاف. تعتبر التحويلات هذه مهمة لديمومة الاقتصاد الهندي بشكل عام وبعض الولايات بشكل خاص خصوصا ولاية كيرلا، المصدر الأهم للعمالة الهندية للمنطقة. بإيجاز، تشكل التحويلات ما بين 3 إلى 4 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للهند والتي بدورها تعد ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم. لكن ترتفع قيمة المساهمة إلى نحو 20 بالمائة في بعض الاقتصادات المحلية مثل الناتج المحلي لولاية كيرلا.يشار إلى أن عددا كبيرا من الهنود العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي يأتون من الولايات الجنوبية مثل كيرلا وأندرا براديش وتاميل نادو انعكاسا لطرق التجارة الدولية منذ أمد بعيد دونما إغفال ولايات أخرى مثل راجستان. في زيارة سابقة لولاية كيرلا نهاية عام 2013 سمعت من أحد رعايا الولاية بوجود نقص في بعض الكفاءات مثل فني الكهرباء في كيرلا بسبب متغير السفر للعمل في الخارج. كما سمعت كلاما متكررا موجها لرعايا الولاية مفاده بأنك إذا كنت تحب كيرلا فالرجاء مغادرة الولاية بقصد إفساح المجال للآخرين وجلب الأموال. مما لا شك فيه، يجب أن تكون الأنشطة التجارية في الاتجاهين من أجل ضمان الازدهار والاستمرارية. بكل تأكيد، يمكن القول بأن شركات الطيران التابعة لدول مجلس التعاون تستفيد بشكل جوهري من حركة تنقلات العمالة الهندية على مدار السنة، والتي هي بكل لتأكيد ليست موسمية. فهمت خلال زيارة سابقة للهند بأن طيران الإمارات هي أكبر ناقل أجنبي للرحلات المغادرة للهند. وذكر لي محدثي خلال زيارتي الأخيرة مع إصراره بأن ما يقوله ليس مزحة بأن السفر ما بين الهند ودبي أسرع وربما أكثر وفرة من التنقل الداخلي بين بعض المدن الهندية. كما تسير شركات طيران أخرى مثل القطرية والاتحاد وطيران الخليج وفلاي دبي والعربية رحلات لمختلف المدن لهذه الدولة المترامية الأطراف والتي تعتبر شبه قارة، ويمكن الزعم بأن حركة الطيران بين دول مجلس التعاون والهند أفضل بكثير من الارتباط الجوي بين بعض الدول العربية. ختاما، تواجه العمالة الهندية الوافدة تحديات عديدة بما في ذلك الاتجاه نحو توطين الوظائف في دول مجلس التعاون الخليجي أينما كان ممكنا خصوصا للوظائف المرغوبة لدى المواطنين في الدول التي تعاني من أزمة بطالة بين رعاياها. أيضا هناك مقترح بوضع سقف زمني للمدة التي يسمح بموجبها للعامل الأجنبي عاملا وافدا في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعاد طرح الموضوع بين الحين والآخر.