19 سبتمبر 2025
تسجيليبحث الموظف عن بيئة عمل مثالية وإن كان ذلك ضرباً من المستحيل، فإذا ما كانت المؤسسة عريقة وذات صيت ولها امتيازات فقد تعاني الإدارة العليا من بعض المشاكل الداخلية والصراعات التنافسية غير الشريفة، أو أن تكون الإدارة المباشرة ضعيفة الخبرة وتتخبط في إدارة الموظفين والمشاريع، وإن تلاشت كل تلك الإشكاليات فقد تكون المشكلة في زملاء العمل الذين لا يحترمون التنافس الشريف، لذلك نجد أن كثيرا من الكفاءات تظل تبحث عن فُرص جديدة أملاً في البيئة شبه المثالية والتي يمكن تحقيق الذات والطموح وخدمة المؤسسة والبلد من خلالها، وكلما انتقل الموظف لبيئة جديدة يصطدم بالواقع المرير الذي يتسبب بإحباطه! وتلعب إدارة الموارد البشرية الدور الأهم في تنظيم سير العمل في المؤسسات ويُفترض أنها تسعى لخلق بيئة عمل صحية ومناسبة للجميع وتحاول تقريب وجهات النظر بين الموظفين والإدارات والأهم أن تسعى لتطوير الموظفين عن طريق تنسيق دورات تدريبية تُحسّن من أدائهم وتعزز ثقتهم في أنفسهم وترسم لهم خارطة الطريق لتدرجهم الوظيفي، ولكن للأسف أن كثيرا من المؤسسات تفتقر لهذه الرؤية التي يجب أن تكون من أولويات المؤسسات فإذا ما صَلَح الموظف وتطّور سينعكس ذلك إيجابياً على المؤسسة، فما تشهده كثير من المؤسسات هو إهمال الموظف واحتياجاته المهنية والتركيز على الشكليات مثل الالتزام بعدد ساعات الدوام دون النظر في كيف ونوعية الإنتاج والأداء، ناهيك عن فرض قوانين تحد من حقوق الموظف، بل إن بعض المؤسسات تخفي اللوائح عن الموظفين فيلتحقون بالعمل دون معرفة واضحة بحقوقهم المهنية والمالية، وقد يتلقون معلومات خاطئة من زملائهم، كما أن بعض المؤسسات لا تضع خطط التدريب لكل الموظفين وفي كل الأقسام، أو تستخدم نظام الكوته في ذلك فإذا (كنت على علاقة طيبة بالمدير أو الإدارة حصلت على الدورات والترقيات والمكافآت وسفرات العمل وغيرها)، أمّا إذا كنت مجتهداً وملتزماً وفاهماً في عملك ولكنك لا تؤدي خدمات خاصة للإدارة ولا تجمعكم المصالح المشتركة فسَتُحرم من حقوقك وقد يتم تهميشك وستقابل طلباتك بالرفض، وللأسف أن هذه حقيقة مُرّة ويعاني منها كثير من الموظفين الصامتين الذين يتجرعون القهر ولا يجدون من ينصفهم، حتى الموارد البشرية قد تكون ضدهم وتصدر قرارات متعسفة في حقهم رغم معرفتهم بكل الإشكاليات مع الإدارة ويضعون العراقيل في وجه الموظف عوضاً عن إيجاد حلول مناسبة ترفع من أداء الموظف وتجعل بيئة العمل جاذبة وصحية، بل والبعض يتعمد إيقاع الظلم على الموظف وسلبه حقوقه بإيجاد ثغرات في القوانين واللوائح التي عادة ما لا تكون في صالح الموظف ولا تحميه بل تعطي الحق للمؤسسة في ظلمه! لهذا إذا صلحت إدارة الموارد البشرية صلحت المؤسسة وعاش الموظفون في بيئة عمل صحية مُحفزة على العمل والإبداع، والعكس صحيح. وتحرص الحكومة في قطر على الموظف وتوفير بيئة العمل المناسبة وفي أكثر من مناسبة ركَّز صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على الاستثمار في الإنسان باعتباره بانيا للمستقبل وحفّز على الإنتاج والالتزام والجدية في العمل ودعا إلى الشفافية ومحاربة الفساد الإداري، وهذا ما نتمناه أن يتحقق على أرض الواقع في كل المؤسسات وأن يراعي المسؤولون الله في إدارتهم للموظفين وفي شؤون الدولة وأن لا يفضلوا مصالحهم الخاصة على المصالح العامة وأن يبتعدوا عن المحاباة والواسطة والطبطبة على الشخصيات المريضة التي تسبب خللا في الإدارات وتجعل من بيئة العمل بيئة طاردة فقط بسبب مزاجية أحدهم أو مصلحته، ففي النهاية المؤسسة ملك للدولة، والموظفون يعملون للدولة وليس للأشخاص! • الحقيقة المؤلمة أن معظم الموظفين يعانون من إدارات ظالمة ومتعسفة وضعيفة خبرة مما يجعل بيئة العمل مُنفِّرة والمشكلة الأكبر أن ذلك بمعرفة واطلاع من إدارة الموارد البشرية التي يجب أن تكون الداعم الأول للموظف وتسعى لتطويره وحفظ حقوقه!