13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحداثة العربية!

24 ديسمبر 2014

أين العرب من مرحلة الحداثة وما بعدها من إشكاليات وتحديات، خاصة تلك المتعلقة بالفلسفة والعقل والفكر؟ مؤشرات القياس كلها تبين أن العالم العربي لم يبلغ هذه المرحلة بعد، وما زال يعيش في عصر ما قبل التنوير في أوروبا رغم انفجار الشارع والذي أطلق عليه تفاؤلا "الربيع العربي"؟!"ما الأنوار؟" مثلت إشكالية الحداثة في تعريف الفيلسوف الألماني كانط في مقولته المشهور "الأنوار خروج الإنسان من حالة الوصاية التي تتمثل في عجزه عن استخدام فكره دون توجيه من غيره"، و الحداثة مفهوم ظهرت إرهاصاته في عصر النهضة الأوربي، بداية مع ديكارت بالتحديد، ودشن رسميا في عصر التنوير مع أطروحات كانط، وهي حركة ثقافية-اجتماعية تمثلت بظهور طبقة جديدة في المجتمع هي البرجوازية حاولت تأسيس ثقافة جديدة تركز على قيم العدل والحرية والمساوئ في مقابل القيم الإقطاعية القديمة، و أعلنت الحرب على الإقطاعيين الذين يشكلون الحرس القديم الذي يسيطر على السلطة "الدينية والسياسية"، وتوجت بالثورة الفرنسية، يتمايز مفهوما الحداثة Modernity عن مفهوم التحديث Modernization، وهي عمق إشكاليتنا العربية منذ عصر النهضة! فالحداثة في تعريف محمد أركون، موقف للروح أمام مشكلة المعرفة، أمام كل المناهج التي يستخدمها العقل للتوصل إلى معرفة ملموسة للواقع، أما التحديث فهو مجرد إدخال للتقنية والمخترعات الحديثة (بالمعنى الزمني للكلمة) إلى الساحة العربية أو الإسلامية، بقصد إدخال المخترعات الأوروبية الاستهلاكية وإجراء تحديث شكلي أو خارجي، لا يرافقه أي تغير جذري في موقف العربي المسلم للكون والحياة؟، إن الحداثة تقوم بالبحث المستمر للتعرف عن أسرار الكون من خلال التعمق في اكتشاف الطبيعة والسيطرة عليها وتطوير المعرفة بها، ومن ثم الارتقاء الدائم بموضع الإنسان من الأرض كما يشير جابر عصفور، أما سياسيا واجتماعيا فالحداثة تعني الصياغة المتجددة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى الحرية، من الاستغلال إلى العدالة، ومن التبعية إلى الاستقلال ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن الاتباع إلى الإبداع و العقل الذي هو نقيض النقل، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة، ومن الدولة التسلطية إلى الدولة الديمقراطية، وكل ذلك بعيد عما يعيشه المجتمع العربي اليوم رغم مرور 300 سنة منذ انتشار الحداثة وآثارها في العالم شرقا وغربا؟!