19 سبتمبر 2025

تسجيل

النموذج التونسي

24 ديسمبر 2014

قدمت التجربة التونسية الديمقراطية نموذجا رائعا، وصورة ناصعة للربيع العربي، نجح من خلالها قادة هذا البلد في العبور نحو المستقبل بتجربة كان الجميع دون استثناء شركاء في إدارتها، بدءا بتخلي أول قيادة منتخبة في البلاد (حركة النهضة) عن السلطة بشكل سلمي، وهو مشهد وصفته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية بأنه مشهد مماثل لتخلي جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة عن منصبه، وقد كان هذا التنازل السلمي عن السلطة من العلامات البارزة، والمحطات المؤثرة في المسار الانتقالي لتونس من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، وانتهاء بقبول الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، لنتائج الانتخابات بروح ديمقراطية ووطنية، صونا للأمن والسلم، رغم إيمانه بأن تونس لاتزال "في مفترق طرق"، ورغم ذلك دعا الى الهدوء وأكد على الحفاظ على "الوحدة الوطنية" و"السلم المجتمعي".تونس قدمت للعالم بأسره درسا في الديمقراطية، والتداول السلمي على السلطة، وقد تعزز هذا الدرس بتعهد الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي بضمان عدم رجوع الاستبداد الى تونس وبالحفاظ على حرية الصحافة في البلاد التي تأمل استكمال مسارها نحو ديمقراطية كاملة.هذه التعهدات وهذا المسار كفيلان بتحقيق تطلعات الشعب التونسي، ومن ورائه الشعب العربي في بناء دولة المؤسسات، وفي الحفاظ على أمن واستقرار هذا البلد حتى تتحقق أهداف ثورة 14 يناير، التي أنارت دروبا عديدة كانت مثقلة بظلام الاستبداد والقهر وقمع تطلعات الشعوب نحو الحرية والديمقراطية.تونس أكملت اليوم مسارا مهما كان نجاحه على المحك، وأصبحت أمام اختبار التنمية والديمقراطية، ولاشك أن حكومتها القادمة بحاجة لتوافق وطني شامل تستمد منه روحها وفاعليتها، كما هي بحاجة إلى دعم عربي ودولي فاعل وجاد حتى تترسخ هذه التجربة، وتأخذ مسارها الصحيح، وتتبوأ تونس مكانتها الملائمة، بعد أن سطر شعبها وقادتها نموذجا رائعا في العمل الديمقراطي الناضج.