13 سبتمبر 2025
تسجيلحين يتعلق الأمر بالوضوح الذي نحتاجه؛ كي نُقرر ما نريده فيما يخص علاقاتنا بالآخرين ونجاحها فلا أجمل ولا أفضل لنتعلق به سواه توجد (الثقة)، التي تُعطينا وتلك العلاقات قيمة عالية تعتمد عليها وتتقدم بها وضمن خطوات واثقة إلى الأمام، وبرغم أنها قد تكون بأحجام مختلفة إلا أن ذلك لا يُقلل من أهميتها، فهي القادرة على فك الشفرات السرية التي تفصل كل مرحلة نخوضها عن الأخرى فتسهل من بعد ذلك مهمة التواصل مع الآخرين الذين يتواجدون من حولنا، ولا يُعقل بأن نعيش معهم دونها تلك (الثقة) حتى وإن تظاهرنا بأن وجودها لا يعنينا، وحسبنا بأننا لن نتأثر بغيابها عنا، فهي ودون شك ذات تأثير كبير يظهر كلما تطورت العلاقة وارتفع معدل نجاحها؛ لنخرج بنتيجة عظيمة الشأن توفر حياة طيبة ستعني لنا الكثير. لقد بدأت حديثي اليوم عن (الثقة) التي يمكن بأن تُقدم لنا بقدر ما سنفعل، لكنها ستفقد صلابتها وقدرتها على التحمل إن بالغنا باستغلالها وبشكل سييء، فحين يكون الأمر متعلقاً بها فلابد وأن نحافظ عليها لا أن نستغل من يمدنا بها، ويدعم علاقتنا به من خلالها، بكثرة الأخذ دون أن يوازيه أي شيء من العطاء وفي المقابل، الذي قد لا يتحضر ليقابله أبداً، فيجعله ومع مرور الوقت يُقرر سحب (حبل الثقة) كله؛ لنواجه الحياة دونه ذاك الحبل الذي توثقت بفضله العلاقة وبلغت مرحلة جديرة بالاحترام، ولكن تأثرها قد هددنا؛ لنصبح الحلقة الأضعف. حين نتحدث عن الثقة فنحن نتحدث عن شرط أساسي لكل علاقة تمتد بيننا وذاك الطرف الذي يمدنا بطرف الحبل؛ كي نتواصل، فنعطي بقدر ما نأخذ، وهو ما سنشهد عليه وعلى نجاحه إن أدركنا الكم الذي نقدمه؛ لنأخذ ما يوازيه وفي المقابل، فلا تقوم الحياة على أخذنا لكل ما نريده كل الوقت دون أن ننبس بكلمة شكر، أو نُعبر وبامتنان عن تقديرنا لكل ما نأخذه ونحصل عليه، كما هو الحال مع الأفراد الذين يجيدون الأخذ ولكنهم لا يدركون عن العطاء أي شيء، فنجد منها تلك العينة الكثير وفي كل مكان في حياتنا، أي في محيط البيت والمحيط الخارجي الذي نتواجد فيه وإن لم نكن لنرغب بذلك، ولكن الظروف التي تلعب دوراً أساسياً في هذه اللعبة تُجبرنا على تقبل الواقع وما يفرضه علينا، وهو ما يمكن بأن يهون إن تعاملنا معه بذكاء، وتفحصنا طبيعة الآخر، وكل ما يتقدم به؛ كي ندرك تفاصيل الثقة التي سنبادر بمنحها، خاصة وأنها لا تؤخذ بسهولة؛ لذا فيجدر بنا بأن لا نمنحها وبسهولة أيضاً وفي المقابل، وعليه وجب علينا التفكير بما سنمنحه ولمن وكيف، حتى نتحكم بحجم ما سنأخذه فيما بعد، ويبقى السؤال كيف نفعل كل ذلك؟ إن إجابة هذا السؤال تقف على توافر مجموعة من الأمور تتصدر قائمتها: ضرورة إدراك أن الثقة تحتاج لمواقف نتشاركها مع الآخر؛ كي نفكر بمنحه بعضها بعد أن نقيس طبيعة العلاقة، إذ لا يُعقل بأن (نُفَرِق) الثقة في الطرقات على كل من نقابله فيها؛ لأننا وإن فعلنا لباتت دون قيمة وعلى فراش رخيص، ولأصبحت وهي لا تدري عن مكانها ووجهتها أي شيء، مما يعني وبكلمات أخرى أن عملية منح الثقة وفي بدايتها تعتمد على تحديد من يستحقها من خلال حصر المواقف الحياتية التي تجمعنا به؛ لنتأكد عن طريقها من أحقيته بهذه الثقة المطلوبة. ثم يأتي دور تقديم جرعات الثقة التي لا تُسكب بسهولة، فهي مُرَكزة وعالية الجودة وتحتاج إلى من يُجيد سكبها دون تهور؛ كي تؤدي ما عليها، وتأخذ ما لها؛ ليلحق بهذا كله الموعد الأكبر، الذي لا يحين إلا حين نشعر بأن الطرف الآخر يستحق جرعات أكبر بكثير ستقوي الحبل الذي يجمعنا به وبشكل جيد يمكن بأن نعتمد عليه في حياتنا، فإن بدر منا كل ذلك؛ لحققنا ما نريد، ولحافظنا على الثقة دون أن نبعزقها أو أن نمرغ كرامتها في الأرض، ولأدركت من حياتك الجميل الذي سيكون لك وأنت تدرك من يستحق ثقتك فيها ومن لا يفعل. لربما هناك من يعتقد بأن الثقة لا تحتفظ بشكل أو لون فتُدرك؛ لذا لا يؤمن بأهميتها؛ ليبحث عنها، ولكن الحقيقة تختلف معه تماماً؛ لأنها أي (الثقة) ضرورية مع كل علاقة تمتد وتجمعنا بالآخرين، فإن كنا في العمل فهي أساسية تقوم عليها العلاقة، ويعتمد عليها نجاحها، وهو الأمر ذاته في البيت، ومع كل من فيه، وكل من تجمعه بنا الحياة، ونحتاج لتواجد الثقة؛ كي نأخذ ما نستحق، ونعطي من يستحق ما يستحقه أيضاً، فهذه الثقة وإن لم يتم التسليم بها، والاعتراف بوجودها وأهميتها ستعكر صفو الحياة وبشكل تدريجي حتى تغلبها الشوائب وتصبح دون قيمة تُذكر، والحق أننا لا نحتاج إلى ذلك بتاتاً، بل على العكس تماماً نطمح ونحلم بحياة طيبة يطيب لنا التواجد فيها؛ لإنجاز كل ما علينا من مهام مهما كانت درجة صعوبتها إلا أنها ستبدو هينة متقلصة أمام ما سنحظى به من ثقة تزيد من ثقتنا بما نملك وما نسعى إلى امتلاكه، وهو ما نرجوه لنا وللجميع.