14 سبتمبر 2025

تسجيل

الراقصة

24 ديسمبر 2012

في ذلك المكان بالضبط، تحت نصب الزعيم ماجوك، ومنذ أكثر من عشر سنوات، التقى رابح مديني بسوشيلا أكوال التي تنحدر من قبيلة الزاندي المحلية، المعروفة بفروسية الرجال، وملاحة النساء، ولم تكن من سكان البلدة، لكنها قدمت من ريف بعيد لتحتفل أسوة بالجميع. كان رابح في نحو الخامسة والخمسين وكانت في التاسعة عشرة، هو تزوج وطلق، وتزوج وطلق مرة أخرى، دون أن ينجب، وهي لم تتزوج قط. كانت أول فكرة خطرت بباله حين شاهدها حافية، مكسوة بعقود الخرز، وسن الفيل، ودائخة تحت نظرات الرجال، ترج جسدها في حمى الرقص الجماعي، هي أن يهديها صندلًا متميزًا بألوان الطيف، جلبه ذات مرة، من إحدى رحلاته الروتينية إلى أوغندا، ولم يعرضه للبيع قط، ألبسها الصندل في خياله، وجعلها تتمشى به قليلًا، ثم تنزعه، وتنزع أشياء أخرى عن جسدها، وتقف أمامه برشاقة. عند تلك النقطة، لم يستطع أن يسيطر على مشاعره أكثر، همس في أذن صديقه (آدم مطر) الذي يقف بجانبه، وكان من نفس قبيلته، ويملك مطعمًا في السوق اسمه مطعم (بابايا): - قل لي يا صديق.. هل سأكون مغفلًا، لو تزوجت من تلك الفتاة؟ - بل تكون مغفلًا لو لم تتزوجها. رد الصديق، وعيناه تتابعان الراقصة سوشيلا، وكانت تعدل قميصها الوردي، الذي بعثره الرقص، وتخرج من الساحة، بعد أن انتهت الأغنية. فيما تبقى من ذلك اليوم، اشتعلت حواس رابح كلها، أخرج من جيب قميصه البنفسجي، من ماركة (سيجال)، الذي جلبه من أوغندا في رحلته الأخيرة، رزمة من أوراق النقد خضراء اللون، فضها وبعثرها في المكان، في أغرب خطوة من خطوات الكرم، تصدر من تاجر، وتزاحم الناس، كل يريد الحصول على ورقة. صاح في عازفي آلات الربابة، والكمنجة، والطبل، أن يبدأوا العزف من جديد، وانتقى مغني قبيلة الزاندي المعروف في تلك الأنحاء، حميدو دينق، من وسط رفاقه المغنين، أوقفه على قدميه في الوسط، بعد أن همس في أذنه، كانت أغنية مسنودة بالثروة والنفوذ، أغنية اسمها سوشيلا الراقصة، ألفها المغني، ولحنها في المسافة بين وسط الساحة، والمقعد الذي كان يجلس عليه، وغناها بترف وصعلكة، لم تحدث من قبل أبدًا. كانت الراقصة سوشيلا قد عادت، شدتها أغنيتها، وأعادتها مرة أخرى إلى الرقص المحموم، وكانت الساحة خالية إلا من جسدها المتماوج، وعذابات رابح مديني الذي كان يحاول جاهدًا، أن يبدو راقصًا محتفلًا بذكرى الزعيم ماجوك، أكثر من كونه عاشقًا أخرق لفتاة لا يعرف عن قلبها شيئًا، ولم يرها إلا قبل عدة دقائق فقط.