11 سبتمبر 2025

تسجيل

نعم.. فعلتها قطر

24 نوفمبر 2023

بعد نحو 47 يوماً من بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وما خلفه من مآسٍ وقتلى وجرحى وهدم للبنى التحتية المدنية، استيقظ العالم على جملة واحدة: فعلتها قطر. كان العالم قد حبس أنفاسه لأكثر من شهر ونصف الشهر، فلا أمل في وقف آلة الحرب الصهيونية المجنونة حتى مع امتلاء الميادين بملايين البشر في كل العواصم العالمية. ظل مجرد الوصول إلى وقف لإطلاق النار ولو ساعات أمنية الملايين. ظل أيضاً السؤال الصعب: من يحقق ذلك؟ من يستطيع أن يكبح صهيونياً عن مشهد الدم الذي يعشقه منذ أن اغتصب الأرض؟ من يوقف شهيته عن ذبح الاطفال والنساء والعجائز والمرضى والنازحين؟ ويأتي ذلك كله في ظل دعم غربي، مزدوج المعايير، منزوع الضمير لمشاهد قتل الأبرياء وذبحهم علناً. لكن فيما يبدو أن الزمن يؤكد مقولة: لا يأس مع قطر.. والمستحيل ليس قطرياً. منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، بدأت الجهود القطرية التي قادها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني - حفظه الله ورعاه- من إصدار أوامره السامية بإرسال المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في غزة. وفي ظل سياسة التجويع والحصار وقطع الماء والكهرباء عن المدنيين في غزة، والمواقف المتباينة والحسابات الدولية المعقدة بالنظر للموقف الغربي المتشدد والداعم للعدوان، كان الموقف القطري واحداً وصامداً، يندد بقتل الابرياء وينتقد علناً المعايير المزدوجة للغرب. ولقوة منطق الدوحة وصعوبة إسكات الحق، تعرضت قطر لهجمة إعلامية وسياسية من داعمي الاحتلال المتشددين، لم يثنها أيضاً عن الهدف في إيقاف العدوان. إن ما فعلته قطر يدخل في باب تحقيق المستحيل، في زمن عزت فيه جرأة المواقف وتماهت فيه أبواق الاستسلام والخنوع، بين تحميل الضحية ذنب دفاعها عن نفسها ضد الجاني، وبين محاولات ليّ عنق الحقائق. ومع فرحة الملايين بالإنجاز القطري، يتناسى الكثيرون أن أمام الدوحة طريق شاق من العمل الدبلوماسي. عمل يفوق حمله المنظمات لا الدول. فالهدنة لمدة أربعة أيام. ويعرف الملايين سلفاً أن الاحتلال الإسرائيلي - الذي يقصف مقرات الأمم المتحدة ناهيك عن الالتزام بقراراتها- لا عهد له ولا أمان ولا التزام. إذن أمام الدوحة عمل أكثر صعوبة آخر في الحفاظ على وقف إطلاق النار من جهة وتمديد الهدنة من جهة أخرى وكذا مواجهة الضغوط الدولية وخيوط المؤامرة والأكاذيب الاسرائيلية ومطامع الاحتلال. لن يتخيل أحد صعوبة ما تواجهه قطر، إلا إذا فهم أهداف الاحتلال الحقيقية من هذه الحرب، فالاحتلال لا يهتم بالأسرى أكثر من اهتمامه بتهجير أصحاب الأرض بعد محو الجزء الاكبر منهم، وكذلك الاستيلاء على ثروات غزة. نعم.. نجحت قطر فيما لم تستطع دول ومنظمات كبرى في الوصول إليه خلال السنوات السابقة وحافظت على أمن العالم وسلامه. ويعلق الملايين الآمال عليها لتنجح في المهمة المستحيلة وهي وقف الحرب. نعم.. فعلتها قطر.. بفضل قيادتها الحكيمة ودبلوماسيتها الواثقة والموثوق بها رغم حجم المؤامرة الكبيرة، وستواصل القيام بهذا الدور الدبلوماسي والإنساني باعتبار المكانة التي تحظى بها على المستوى الدولي. فشكراً قطر.. من كل القلب يقولها أهلنا في غزة والملايين من أصحاب الضمائر الحية. لكن أمامك عمل كبير وكلنا ثقة في حكمتك وثباتك على قيم العروبة والإسلام في زمن تتماهى فيه المواقف على حسب درجة الضغط الدولي. نبض الوطن: في وسط بحر من الأكاذيب الإسرائيلية وسقوط ذريع من وسائل الإعلام الغربية وللأسف البعض من وسائل الإعلامي العربية. تبقى قناة الجزيرة صوت الحق وهمس المظلومين في غزة. كل الدعم لها في وجه تهديدات الاحتلال بالتنكيل بمراسليها ومحاولة إسكاتها.