11 سبتمبر 2025

تسجيل

دم خاشقجي لن يذهب هدراً

24 نوفمبر 2018

  يعيش العالم أزمة أخلاق! نحن نفهم أن يقتل البلطجي وأرباب السجون وربما يسرق الجائع ليسد جوعه وجوع عياله، لكن أن يسرق المتخم وأن يقتل المفترض أن يكون الراعي والمسؤول عن الرعية بل ويغالي في القتل حتى يصل الأمر الى الحرق بالنار كما حدث في مصر برابعة وأن ينشربالمناشير كما حدث في السفارة السعودية باسطنبول بخاشقجي، فهذا يعني أن هؤلاء المجرمين يعانون من جوع من نوع آخر،إنه جوع القيم والأخلاق والضمير الإنساني والبقاء على كراسي الحكم فتلطخ عقله بالجهل والكبر وغاب ضميره وزاغت فطرته وأصبح الطاغوت وليه!! والواقع يشهد بذلك، ففي عالمنا الصادق الصادع بالحق المحب لدينه ووطنه يُحرق ويُنشر بالمناشير ذلك هو مآل رجال الحق في عالمنا الآن وكأني بخباب بن الأرت رضي الله عنه حين جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ألا تسنصرلنا ألا تدعو لنا فقال قد كان من كان قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فينشر وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز وجل والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون) وهو الحادث الآن،إن جاهلية العرب القديمة كانت تحترم القيم والتقاليد مخافة أن يُعيربعضهم بعضا! فيا ليت شعري لا قيم ولا مبادئ هذه هي اخلاق العالم المتحضر الآن، فالصادق الحر يُعاني كثيرا ويصبر على تحمل تبعات صدقه وقول الحق يعيش كالغريب وكالقابض على الجمر قال تعالى ( ألم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) لاعجب فالقائمة مليئة بالملايين.في سوريا والعراق وفلسطين واليمن والروهينجيا ومصرالمسروقة! ارقام كغثاء السيل، فلم يتحرك لهم ساكن حتى أن طفلا سوريا صورته الصحف وهو يحمل ورقة مكتوبا عليها «لو كان الطفل السوري ينزف نفطاً لانتفض العالم فورا لكنه ليس مشهورا ولا فنانا ولا صحفيا مشهورا «! لا عجب ففي مصر وخلال ساعات معدودة قتل الآلاف وحرقوا وحملتهم الجرافات ورموا بالصحراء بل هناك من تغنى من الهمل والرويبضة على أشلائهم ( تسلم الأيادي)! فلا عجب أن ينشر وتقطع اشلاء احد أبناء الأمة (جمال خاشقجي) في قنصلية بلاده في ظل غياب الضميرالإنساني وغياب العدل في عالم صار كالغابة تحكمه نخبة حاكمة للعالم ومعهم أزلام فسدة قتلة همج،لأن أمة الإسلام هانت على نفسها ومن يهن يسهل الهوان عليه لا لجرح بميت إيلام، إن دماء الآلاف التي تُراق برصاصات ومناشير الأنظمة المجرمة في عالمنا الاسلامي ليست أقل ثمنا من دماء الصحفي جمال خاشقجي رحمه الله، ولعل دماءه تكون سببًا في إحداث تغيير قادم والعودة الى مربع الثورات ثانية ولكن بعد غربلتها وتمايزها. أو لعل مقتل خاشقجي يحرّك الماء الراكد للشعوب الخانعة ويكون بداية إفاقة للأمة وصحوة الضميرالإنساني، وهل مقتله يحول الأنظار المُغيَّبة إلى طبيعة مجرمي العصر وطريقة تعاملهم مع من يخالفهم أو يعترض طريقهم ونهمهم البهيمي على لعاعة الدنيا. هكذا العالم يعيش ازمة ضمير في ظل سياسة المصالح وسيطرة أمثال ترامب وبوتين على صناعة القرار العالمي.