28 أكتوبر 2025

تسجيل

التقاط الهامش

24 أكتوبر 2016

كتابة الهامش، عند الكاتبة الكندية، الحاصلة على نوبل: أليس مونرو وغيرها من الروائيين حول العالم، وحتى في البلاد العربية، دائما ما تبدو للقراء أشد حرارة، ودفئا كما لو كانت كتابة فاخرة عن الفخامة وتوابعها من قصور ويخوت وسيارات، وأسفار مخملية هنا وهناك. دائما ما تشد تفاصيل البيوت الضيقة، والأنفاس الحارة المتلاصقة، والأفواه الجائعة وغيرها من أدوات رسم المأساة، قراء أكثر، وتعليقات أكثر في تلك المواقع التي تهتم بالقراءة، وتقصي الإصدارات الجديدة. بالطبع هناك من يفعل العكس، أي يتفاعل مع كتابة الفخامة، والمركز المزدحم بالعطور والمكياج، والوسائد الناعمة أكثر، لكن قصدت أن أغلبية من يتفاعلون، يبحثون عن الهامش الدامي، أو الهامش الذي سيصبح مأساة، أيضا تجد معظم الروائيين، وحتى لو لم يكونوا من سكان الأحياء الفقيرة، أو سكنوها وترعرعوا فيها ذات يوم، يبحثون عن تفاصيل تلك الأحياء، وملامح سكانها، ليكتبوها في قصصهم، وبذلك يحصدون تعاطفا أكثر، وتحصد شخصياتهم المأزومة ما يشبه العطف الكبير عليها، وأن هناك من يتمنى لو قدم لها شيئا.تفاصيل الهامش في رأيي، أكثر ثراء من تفاصيل المركز الثري ماديا، بمعنى أن الثراء المادي هنا، يتم تعويضه بالأحلام، ومحاولات الحصول على موقع متميز في الحياة، ومعروف بالطبع أن تفعيل الخيال، في حد ذاته مادة خصبة توحي بالقصص.وقد عرفت واحدا، من سكان حي النور، كان يعمل ساعيا بسيطا في مستشفى بورتسودان، حيث كنت أعمل، يصنع الشاي والقهوة، ولا يبدو أكثر من أي شخص عادي بلا أي إيحاءات، لكنني حين صادفته مرة في حيه، كان مختلفا تماما، كانت ملامحه كلها غطرسة، مشيته بترفع، وجيوبه محشوة بأدوية الأسبرين والبندول، وحبوب الملاريا، ويناديه الجيران بلقب: الدكتور.