13 سبتمبر 2025

تسجيل

مجالس الشباب

24 أكتوبر 2014

لعل طبيعة مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة، الذي نشأ أبناؤه على الضيافة والكرم وحب الضيف، أوجدت في منازلنا المجالس التي تجمع الشباب والكبار، ولايكاد يمر وقت دون أن يجتمع فيها الأصحاب والأقارب، يتبادلون فيها الأخبار والأحداث ويتناقلون فيها ما حدث معهم وما سمعوه وما رأوه، وغير ذلك. يعتبر تناقل الأخبار والأحداث بالطبع أمرا عاديا مشروعا طالما كان هذا الأمر في إطاره الصحيح وضمن الضوابط الشرعية، وخاضعاً للرقابة الذاتية، ولمقاييس الأخلاق العامة. فالرقابة الذاتية مراعاة الشخص ربه ثم ضميره دون تدخل خارجي ودون تذكير حتى ممن حوله، فالذي يعرف حقوق ربه وحقوق الخلق لا يمكن أن ينسى أبداً أن المجالس أمانة، وأن كل ما يلفظه أو يسمعه وكل ما يراه هو مؤتمن عليه ومساءل عنه أمام الله تعالى، وهنا بالنتيجة لا يمكن أبداً أن يتكلم إلا بالصدق، ولا يمكن أبداً أن يسمح لنفسه إلا بسماع الحق وتناقل الحق. ولكن للأسف الشديد هناك فئة من الشباب قد اختلط الأمر عليهم وأصبحوا يستخدمون المجالس لأسوأ ما يمكن أن تستخدم له، فالبعض يجعل من المجلس مرتعاً للغيبة والنميمة والحديث الذي لا يحمل إلا تناقل أسرار الآخرين وفضائحهم وصور ليس من حقهم حتى النظر إليها، ولكن نفوسهم المريضة قد سولت لهم كشف الأستار، وتناقل الخفايا التي لا يحق لهم الخوض فيها، والتفنن في البحث عن برامج التجسس في الأجهزة الحديثة، والتباهي بينهم وبين بعضهم البعض بما وصل له كل منهم من سبل الشيطان التي لا توصل إلا للهاوية. لو علم كل واحد من هؤلاء المنحرفين عن الطريق القويم، والباحثين عن التسلية في غياهب خصوصيات الآخرين، ما سيكون عليه حالهم يوم القيامة حين تفرد الصحائف أمام الله تعالى، وحين يصرخ من رأى صحيفته "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" لما فكروا يوماُ بأن يجعلوا مجالسهم مجمعات للشياطين، ولرفاق السوء متناسين قول الله تعالى "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"، ولما استطاعوا يوماً أن يتفوهوا بكلمة واحدة يذكرون فيها عيباً للآخرين وعيوبهم تفوقهم.. وصدق الشاعر حين قال: لسانك لا تذكر به عورة إمرئ فكلك عورات وللناس ألسن وعينك إن أبدت إليك معايباً فصنها وقل يا عين للناس أعين