11 سبتمبر 2025

تسجيل

الديمقراطية العربية المنكوبة!

24 أغسطس 2016

لماذا تنهار وتتراجع التجارب الديمقراطية الوليدة في العالم العربي عوضا عن تطورها ونموها؟ كل التداعيات التي عاصرناها مع بداية انطلاقة الثورات في بعض الشوارع العربية وحملت شعارات الحرية والديمقراطية والعدل والكرامة تلاشت وحل مكانها المزيد من القمع والاستبداد والسجون والمعتقلات وطعن الحريات. ومن مآسي القدر ما شاهدناه منذ أيام مضت بالتحديد في مظاهرة الذين خرجوا بالملايين في "اليمن الحزين" بثورة مضادة للمطالبة بعودة الرئيس المخلوع للسلطة ومباركة تحالفه مع الانقلابين على الثورة ومخرجاتها والدولة ومؤسساتها، ونسف جميع مراحل الانتقال نحو مرحلة سياسية جديدة وعودة الشرعية وتفعيل الدستور وتنفيذ الاتفاقيات والمحادثات والحوارات والتفاهمات الخليجية والعربية والدولية. إن غياب "الثقافة الديمقراطية" هي الإشكالية العربية الكبرى، لذلك كلما تقدمت هذه الدول وشعوبها خطوة إلى الأمام تعود منتكسة إلى الوراء بخطوات! يروي لنا التاريخ أنه بعد تأسيس الجمهورية الأمريكية كان التنوير والثورة نحو الحرية وتحقيق العدل والمساواة حاضرا في كتابة الدستور وتأسيس بنيان الدولة على أيدي الآباء المؤسسين، لكن تمثلت الإشكالية في غياب هذه المفاهيم والمصطلحات عن أغلبية سكان الولايات الجنوبية بالتحديد الذين كانوا يعيشون على الأفكار البالية في ممارسة سياسة الأسياد والعبيد والمالك والخادم والأجير وعدم تنازلهم عن نظام الرق والتفرقة والعنصرية، ولو حدث أن قامت انتخابات حرة نزيهة في الولايات الجنوبية فإن سكانها سوف ينتخبون أغلبية عنصرية تؤيد بقاء نظام الرق واستخدام العبيد وجلبهم من دول العالم خصوصا إفريقيا. فكان لابد أن يتم الاعتراف بالحرية والعدل في تلك الولايات ولو أدى ذلك إلى الدخول في حرب أهلية وهو ما كان بعدها تمكنت الديمقراطية من أن تجد لها أرضية خصبة تنمو فيها بعيدا عن العنصرية والاستبداد والجهل. والأمر المحزن أنه برغم أن عددا من الدول العربية تعيش بالفعل حربا أهلية كما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا والعراق إلا أن مقاومة الخيرات السلمية وكسر التجارب الديمقراطية الوليدة تزداد تفاقما! إن حال الديمقراطية في العالم العربي كما علمتنا تجربة دول "الربيع"، أنها ليست مفتاحاً سحرياً لحل جميع المشكلات المزمنة، فهي نفسها بحاجة إلى مفتاح، أو لعل بابها لا ينفتح إلا بعد أن تكون جميع الأبواب الأخرى قد فتحت أو بالتوقيت معها على الأقل كما يشير جورج طرابيشي، والذي يركز على شرط الحامل ﺍلاجتماعي للديمقراطية من خلال تفعيل الثقافة الديمقراطية قبل آلياتها، صندوق الرأس قبل صندوق الاقتراع!