19 سبتمبر 2025
تسجيلالتظاهرات الحاشدة التي تشهدها بيروت هذه الأيام، وما رافقها من توتر ومواجهات مع قوى الأمن في لبنان، يبدو أنها آخذة في التصعيد، خصوصاً مع لجوء قوات الامن إلى استخدام "القوة المفرطة" لقمع المحتجين مما ادى إلى سقوط اصابات في صفوف المتظاهرين والشرطة على حد سواء، باعتراف رئيس الحكومة تمام سلام والذي أكد أن التظاهر السلمي حق دستوري وان من واجب السلطات المعنية حماية هذا الحق. ومع هذه التطورات المتسارعة، يبدو ان الآلاف من اللبنانيين الذين تجمعوا في ساحة رياض الصلح القريبة من مقري مجلس النواب والحكومة، رفعوا من سقف مطالبهم إلى حد الدعوة لاستقالة الحكومة وإسقاط النظام، بعد أن كانت احتجاجاتهم تركز في البداية على التنديد بعجز الحكومة عن ايجاد حل لأزمة النفايات. وبالنظر إلى حجم هذا التحرك المدني وطبيعة المشاركين فيه والذين يمثلون مختلف المناطق والطوائف وحتى من خارج الاحزاب والتيارات السياسية، فإن الوضع يعكس مدى التحدي الذي يواجه الطبقة السياسية في لبنان والتي ظلت في حالة عجز متواصل خلال السنوات الماضية بسبب الانقسام الحاد بين قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله وسوريا وتحالف 8 آذار المدعوم من دمشق وطهران. لقد أسهمت الأزمة السياسية المتطاولة في لبنان والانقسام الحاد بين القوى السياسية الرئيسية في تعطيل دولاب العمل في الدولة وفي عدم اتخاذ القرارات اللازمة في مجلس الوزراء بجانب غياب دور البرلمان في مساءلة الحكومة، فضلا عن ان لبنان لا يزال بلا رئيس للجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في مايو من العام الماضي، بعد أن فشل البرلمان 27 مرة على مدى أكثر من عام في انتخاب رئيس جديد خلفاً لسليمان. لا سبيل امام القوى السياسية اللبنانية بمختلف توجهاتها اليوم، سوى تنحية خلافاتها جانبا، والاضطلاع بواجباتها والتعامل مع مطالب الشعب بما يقتضيه الحال من روح المسؤولية الوطنية حتى يجنبوا بلادهم شرور ما يحدث في المنطقة.