16 سبتمبر 2025

تسجيل

الإماراتُ الحائرةُ بين أوهامها والواقعِ

24 يوليو 2018

القيادةُ الإماراتيةُ لا تريدُ أنْ تفهمَ أنها أقلُّ شأناً ومكانةً وتأثيراً من أنْ تنجحَ في التشويشِ على زيارةِ سمو الأمير المفدى إلى بريطانيا. ونحن القطريينَ لا نلومها، لأننا نعلمُ أنَّ الذينَ تعودوا العيشَ في كهوفِ التخلفِ الحضاريِّ والإنسانيِّ لا يمكنهم أنْ يخرجوا للنورِ فيروا الواقعَ الحقيقيَّ الذي يخبرهم بأنَّ زمنَ التآمرِ والدسائسِ والأكاذيبِ قد انقضى، وأنهم خسروا كلَّ شيءٍ، وفازتْ بلادنا وشعبنا بقيادةِ سموه بقلوبِ الشعوبِ، واحترامِ الدولِ، وتقديرِ الأحرارِ الشرفاءِ في أمتينا العربيةِ والإسلاميةِ والعالمِ. ولأنها لم تستفدْ شيئاً من فشلها الهائلِ، سياسياً ومخابراتياً وإعلامياً، خلالَ سنةٍ وشهرينِ من قيادتها لمؤامرةِ الحصارِ، فإنها تكررُ أخطاءها بنفسِ الأساليبِ والأدواتِ. فكعادتها، تصرُّ على صرفِ عشراتِ ملايينِ الدولاراتِ على المرتزقةِ والعملاءِ وبعضِ الخونةِ كخالد الهيل للقيامِ بأنشطةٍ مناهضةٍ لبلادنا خلالَ الزيارةَ، وتوكلُ قيادةَ الحملةِ الفاشلةِ للعميلِ الصهيونيِّ محمد دحلان، مستشارِ وليِّ عهدِ أبو ظبي. وهذا كله يدفعنا للحديثِ عن المشروعِ الإمبراطوريِّ الفاشلِ للإماراتِ من الزوايا التالية: 1) العقدةُ القطريةُ: تدركُ القيادةُ الإماراتيةُ أنَّ الجغرافيا السياسيةَ والسكانيةَ لبلادها، وعدمَ امتلاكها لمشروعٍ حضاريٍّ، هما أمرانِ يمنعانِ قيامها بدورٍ سياسيٍّ فاعلٍ في الخليجِ والعالمِ العربيِّ، وتشعرُ بالاختناقِ لأنها ترى بلادنا الأصغرَ مساحةً وأقلَّ سكاناً منها تلعبُ دوراً مؤثراً على المستويينِ العربيِّ والدوليِّ بسببِ المشروعِ الحضاريِّ لسمو الأمير المفدى وسمو الأمير الوالد، والذي ارتكزَ على الإسهامِ في تنميةِ البلادِ العربيةِ دونَ شروطٍ سياسيةٍ، والتواجدِ على الساحةِ الدوليةِ من خلالِ اتخاذِ سياساتٍ تخدمُ السلمَ والسلامَ العالميينِ، مما جعلها تنظرُ بحقدٍ تجاه بلادنا، فحاولتْ عبثاً الإساءةَ إليها، ثم قامتْ بمغامرتها الرعناءِ فقادتِ الحصارَ الذي كانَ ضربةً قاصمةً للصورةِ الباهيةِ المكذوبةِ للإماراتِ. 2) الأزمةُ الوجوديةُ: لا تريدُ القيادةُ الإماراتيةُ الإقرارَ بأنَّ تاريخَ الخليجِ والعالمِ العربيِّ هو تاريخٌ لكلِّ العربِ، بل تبحثُ دائماً عن تأصيلِ حضورها عبر التاريخِ، لذلك نلاحظُ سعيها المحمومَ لتأكيدِ وجودها ككيانٍ حضاريٍّ مستقلٍّ يكادُ يسبقُ في الظهورِ الحضاراتِ الكبرى في العالمِ، وتقومُ بالسطو على الوجودِ التاريخيِّ الضخمِ لعُمانَ وتنسبه لها، ثم تحاولُ تأصيلَ وجودها الاجتماعيِّ التاريخيِّ خارجَ حدودها كما فعلتْ حين أرادتْ احتلالَ جزيرةِ سقطرى، أو حين يدعي بعضُ أكاديمييها بأنَّ شرقَ الخليجِ كله كان جزءاً من مناطقِ نفوذها. مما يعني أنَّ تلك القيادةَ تعيشُ أزمةً وجوديةً طاحنةً تهربُ من وطأتها بتزييفِ التاريخِ واختلاقِ وجودٍ لبلادها لم يكنْ موجوداً. 3) الوهمُ الإمبراطوريُّ: أسهمَ العاملانِ السابقانِ في اندفاعِ الإماراتِ برعونةٍ لبناءِ كيانٍ إمبراطوريٍّ تكونُ أبو ظبي مركزه، وتسيطرُ على أجزائه المتناثرةِ إما بالوجودِ العسكريِّ المباشرِ كما هو حالها في موانئ اليمنِ، أو باصطناعِ العملاءِ من أهلِ البلادِ الأخرى كما هو حالها في ليبيا، أو بالتخطيطِ لانقلاباتٍ تأتي بأدواتٍ يخدمونها ضد مصالح بلادهم كما هو حالها في مصر، أو بشراءِ الولاءِ بالمالِ الحرامِ كما حاولتْ في الصومالِ وجيبوتي. إلا أنَّ هذا المشروعَ فاشلٌ لأسبابٍ يتعلقُ بعضها بعدمِ امتلاكِ الإماراتِ لتعدادٍ سكانيٍّ يسمحُ بوجودِ رصيدٍ عسكريٍّ بشريٍّ وطنيٍّ يكفي لقيامها بمغامراتها الخارجيةِ، وبعدمِ وجودِ اقتصادٍ وطنيٍّ متعددِ مصادرِ الدخلِ يسمحُ لها بالصرفِ الدائمِ على تلك المغامراتِ. ويتعلقُ بعضها الآخرُ بوجودِ قوى اقتصاديةٍ وعسكريةٍ ضخمةٍ كالصينِ لن تسمحَ لمغامراتِ أبو ظبي بالتأثيرِ على تجارتها العالميةِ من خلالِ السيطرةِ على موانئ اليمن وغربيِّ البحرِ الأحمرِ. لكن أعظمَ عواملِ الفشلِ تتمثلُ في الرفضِ الإقليميِّ لأوهامها الإمبراطورية. نقولُ للقيادةِ الإماراتيةِ إنَّ الدولَ تبدأُ في الانحلالِ والاضمحلالِ عندما تدمنُ سياسةَ التآمرِ، وتتمددُ عسكرياً بصورةٍ تفوقُ إمكاناتها البشريةَ والاقتصاديةَ والعسكريةَ، ولا يكونُ لديها مشروعٌ حضاريٌّ يمكن به تعويضُ النقصِ في تلك الإمكاناتِ. والأجدى لتلك القيادةِ أنْ تعودَ لرشدها بدلاً من الإصرارِ على الرعونةِ والسفاهةِ في سياساتها. كلمةٌ أخيرةٌ: القامةُ الشامخةُ لسمو الأمير المفدى تؤذي أصحابَ القلوبِ المريضةِ بالحقدِ على الإسلامِ وكراهيةِ العربِ.