13 سبتمبر 2025

تسجيل

واعظ في زمن العناد المذهبي

24 يوليو 2014

بعد أن انتهينا من عرض الأحاديث النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم والتي أضافها ابن رجب الحنبلي وهو من علماء القرن الثامن الهجري إلى (الأربعين النووية) للإمام النووي الشافعي والتي عمت شهرتها الآفاق بفضل الله تعالى وسمَّى كتابه (جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم). وعلاقة ابن رجب بالشيخ النووي من ناحيتين: الأولى: - أن تلميذ النووي أجاز ابن رجب. ومعنى الإجازة أنه تلقى عنه. ووافق على عدالته وهوالشيخ علاء الدين النووي الذي كان واسطة بين النووي الكبير وابن رجب....... الثانية: أن ابن رجب تأثر بشيخه النووي فيما يتعلق بشرح جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم حيث أن الفكرة جاءت له من عمل مشيخة الإمام النووي. في جمع اثنين وأربعين حديثا من أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) من جوامع كلمه (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) فأضاف إليها ابن رجب ثمانية أحاديث وجعلها خمسين حديثا. وقد كان الشيخ النووي جليل القدر في العلم. وأنه كذلك لا يخاف في الله لومة لائم. ومعنيٌّ بشؤون المسلمين. فتأثر به ابن رجب وكان على هذه الخصلة الحسنة. حيث أن جميع ماكتبه إنما هو لصالح المسلمين في دينهم ودنياهم. كما أن ابن رجب تحلى بخصلة أخرى ميزته عن غيره من العلماء في زمنه أنه لم يكن متعصبا مذهبيا فلم تمنعه حنبليته أن يكون تلميذا لشيخ شافعي. وليس تلميذا فقط يتلقى العلم بل يحمل بين جوانحه صفة السماحة والتسامح بين أهل العلم من المذاهب فيدعو إلى السماحة في دروسه ومشيخته في زمن ابتلِيَ فيه بالفتن والعصبية والفرق المذهبية. وهذا الخلق القويم الذي يجب أن يتحلى به كل عالم من أهل الفقه والحديث في كل زمان ومكان. بل ويتحلى به كل مسلم... يجعلنا نعرض كتابا آخر من كتبه القيمة في مجال الحديث الشريف لنتبين أن اشتغال ابن رجب بالحديث شرحا ودراية؛ إنما اشتغل به لأنه أصل في استنباط الأحكام الفقهية في الفقه الحنبلي، ولأنه فقيه سلفي يربط السلوك بمنهج حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وبمنهج حياة الصحابة (رضوان الله عليهم) خيرة خلق الله بعد الأنبياء والرسل (عليهم صلوات الله وسلامه). ومعروف أن اشتغال ابن رجب سواء كان بالفقه أو الحديث فإن ذلك لم يكن لذاته. بل لوعظ المسلمين في زمن تميز بالتفكك الفكري والعناد المذهبي والتمزق السياسي (كزمننا هذا) فحاول قدر جهده أن يدفع الأمة إلى سلفها الصالح حيث الوحدة الإسلامية في مواجهة التفكك السياسي. وحيث الاعتصام بالكتاب والسنة في مواجهة العناد المذهبي والانحراف العقدي والحوارات الفاشلة مع الديانات الكتابية والمهادنات مع الوثنية. وحيث العفاف والطهارة والقناعة في مواجهة الطمع والشره والسلب والنهب والفساد الأخلاقي. فقد كان ابن رجب في هذه المحاولة من وعظ المسلمين ودعوتهم بالموعظة الحسنة وبالبرهان الساطع يقصد إلى إصلاح حالهم للثبات على المحجة البيضاء التي تركها عليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أن مجلسه كان موئلا لكل سائل. فتحببت إليه النفوس. وتقربت إليه العقول. فألفته كل الفرق. فهو بصدق يعتبر الحنبلي السلفي الصادق... وقد اخترنا عرض كتابه (أحكام الخواتيم وما يتعلق بها) حيث يعرض لنا صفة خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) وأهمية اتخاذه ، والأحكام الشرعية التي تتعلق به. وحرص الصحابة (رضى الله عنهم) الشديد على الاقتداء برسولهم (صلى الله عليه وسلم) والاهتداء بهديه. ليكونوا نبراسا للأمة من بعدهم. تميزا لهذه الأمة عن غيرها من الأمم.