13 سبتمبر 2025

تسجيل

فاعلم أنه لاإله إلا الله

24 يوليو 2013

نواصل وقفاتنا مع سورة محمد (صلى الله عليه وسلم) ونصل إلى قوله تعالى (فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم {18}) (فهل ينظرون إلا الساعة) أي القيامة وقوله تعالى (أن تأتيهم بغتة) أي تباغتهم بغتة وهي المفاجأة بدل اشتمال من الساعة والمعنى أنهم لا يتذكرون بذكر أهوال الأمم الخالية ولا بالإخبار بإتيان الساعة وما فيها من عظائم الأهوال ما ينتظرون للتذكر إلا إتيان نفس الساعة بغتة وقرئ بغتة بفتح الغين وقوله تعالى (فقد جاء أشراطها) تعليل لمفاجأتها لا لإتيانها مطلقاً على معنى أنه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر أمر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذ قد جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأساً ولم يعدوها من مبادئ إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والأشراط جمع شرط بالتحريك وهي العلامة والمراد بها مبعثه صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر نحوهما وقوله تعالى (فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم) حكم بخطئهم وفساد رأيهم في تأخير التذكر إلى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله تعالى "يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى" أي وكيف لهم ذكراهم وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزاً إلى غاية سرعة مجيئها وإطلاق المجيء عن قيد البغتة لما أن مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقاً مقيداً بقيد البغتة وقرئ إن تأتهم على أنه شرط مستأنف جزاؤه فأنى لهم الخ إن تأتهم الساعة بغتة أنه قد ظهر أمارتها فكيف لهم تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم. ● قوله (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم {19}) (فاعلم أنه لا إله إلا الله) أي إذا علمت أن مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الإشراك والعصيان فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه (واستغفر لذنبك) وهو الذي ربما يصدر عنه عليه الصلاة والسلام من ترك الأولى عبر عنه بالذنب نظراً إلى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الأبرار سيئات المقربين وإرشاد له عليه الصلاة والسلام إلى التواضع وهضم النفس واستقصار العمل (وللمؤمنين والمؤمنات) أي لذنوبهم بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم وفي إعادة صلة الاستغفار تنبيه على اختلاف متعلقيه جنساً إشعار بعراقتهم في الذنب وفرط افتقارهم إلى الاستغفار (والله يعلم متقلبكم) في الدنيا فإنها مراحل لابد من قطعها لا محالة (ومثواكم) في العقبى فإنها موطن إقامتكم فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم فيهما فبادروا إلى الامتثال بما أمركم به فإنه المهم لكم في المقامين وقيل يعلم جميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها. ● قوله (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم {20}) (ويقول الذين آمنوا) حرصاً منهم على الجهاد (لولا نزلت سورة) أي هلا نزلت سورة نؤمر فيها بالجهاد (فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال) بطريق الأمر به أي سورة مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها لوجه آخر سوى وجوب القتال. عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال هي محكمة لم تنسخ وقرئ فإذا نزلت سورة قرئ وذكر على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى ونصب القتال (رأيت الذين في قلوبهم مرض) أي ضعف في الدين وقيل نفاق وهو الأظهر الأوفق لسياق النظم الكريم (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) أي تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً كدأب من أصابته غشية الموت (فأولى لهم) أي فويل لهم وهو أفعل من الوالي وهو القرب وقيل من آل ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم وقيل هو مشتق من الويل.