13 سبتمبر 2025
تسجيلإذا بدأنا بالمساحة فهي صغيرة جداً، وليست شاسعة، وإذا تناولنا عمرها الافتراضي فهي تحرص على عدم تجاوز مرحلتها الأولى والتمسك بها لأنها لا تتطلب أكثر من ذلك، ورغم أنها تظل محجوزة بين كل ما يؤكد بأنها صغيرة وضعيفة، إلا أن ذلك لا يمكن أن يلغي خطورتها التي تقلب رأس من يقف عليها رأسا على عقب، وذلك لأنها البقعة التي يتجمد عليها الكثير ممن لا يدركون ما يتوجب عليهم فعله، لأسباب تختلف بحسب حاجاتهم وغاياتهم، وهو ما يجعلهم يشعرون بأن المساحة أكبر والفترة الزمنية التي يقضونها هناك أطول بكثير، فيزداد تقلبهم وترددهم وتوترهم أيضاً، لتصبح النهاية المفجعة بتواجدهم بين المفروض والمرفوض. إن التواجد في تلك البقعة التي تضعك بين المفروض والمرفوض يجعلك (ومتى كنت من الصالحين) تميل ميلاً قوياً وسريعاً نحو المفروض الذي يغذيه حقه منك، فهو بحسب المعطيات كل ما يملك كامل الحق؛ كي يكون؛ ولأنه كذلك فستجد أنه ما سيجعلك الأسرع والأقل تردداً وتوتراً في اتخاذ القرار المناسب، الذي يخصه ويلخصه، ولربما سبق أن ترددت فيه أو تقلبت منه، في حين أن الأمر يصعب على كل من يحاول ألا يفكر سوى بنفسه، ولغته التي يعتمدها ولا تجمع ضمن حدودها سواه، حتى يصبح من يدرك المفروض ولكنه يميل إلى المرفوض متى تأكد أنه ما سيخدمه أكثر، والمصيبة إن تكاثرت هذه العقلية الأخيرة صاحبة (التفكير الذي لا يمت للتفكير بصلة أصلاً)، وساهمت ببث فكرها؛ ليعتنقه غيرها، وتبدأ في الدنيا الصراعات التي سنجد فيها من يأكل، ومن يؤكل. وماذا بعد؟ تقديم المساعدة، لا يعبر عن ضعف أو نقص يمكن أن تُعرف به، ولكنه يدل على عظم ما تتحلى به من صفات، يمكن أن تميزك، وما تعتقد أنه يقلل من حجمك متى فكرت فيه ولبعض من الوقت، وهو ما قد تقاسمه المفروض والمرفوض، لن يفعل؛ لأنك وبكل بساطة وحين تفكر به من حيث الحق والباطل، وما يجوز وما لا يجوز، ستجد أنه أقرب إلى المفروض الذي يستحق أن يكون مهما كانت النتائج، وهذه الأيام الفضيلة التي نعيشها تحمل بين طياتها الكثير من البركة، التي تحتاج لمن يحافظ عليها، دون أن يبدد فرصة الفوز بها بكل الطرق المُتاحة فعلياً، ودون أن يسمح لنفسه بأن تضيع بين المفروض والمرفوض؛ لتتمزق بينهما قبل أن تؤدي ما عليها، فتضيع معها حقوق غيرها. وأخيراً إن ما نرمي إليه دوماً هو ضرورة التفكير ملياً بالخير الذي يمكن أن نخرج به من هذه الأيام الفضيلة، فلا نترك الأمر؛ ليجرب حظه بين المفروض والمرفوض، وكي نحقق ذلك ونتجنب الوقوع في هذا المأزق، فلابد أن ندرك الخير في صيغة المفروض وإن لم نتفق عليه أو نُعجب بصفاته، فيكفي أنه الخير الذي لابد أن يأخذ حقه بيننا، في حين أن غير ذلك وإن بدا وكأنه ما يحمل لبعضنا من الخير بعضه إلا أنه ما يمكن أن يخدعنا بفرحة وهمية لا تدوم إلا للحظات، وهو المرفوض تماماً؛ للشر الذي سيتسبب به للآخرين، وعليه فليجاهد كل واحد منا نفسه على رغباته ونزواته الخاصة التي تقف مع المرفوض؛ ليسلم الآخرين ما لهم فهو المفروض، وتذكروا أنها أيام تتميز بمضاعفة الأجر؛ لذا فلنسارع إلى فعل كل ما سبق؛ كي نخرج بأكبر قدر ممكن من الفائدة إن شاء الله.