12 سبتمبر 2025
تسجيلإن مراجعة ما حدث مؤخراً في الخليج، وتحديداً في السعودية، وفي مدن قريبة من البحرين، والكويت، وقطر، وما يجري في المنطقة ككل، هي ضرورة ملحة، تستوجب التركيز على جوانب مهمة من أجل مواجهة سرطان الإرهاب، والواقع أن الحديث عن التفجيرات، والعمليات الانتحارية، هو مسألة معقدة للغاية، والبحث عن أسبابها، قد يرجع إلى تراكمات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، ودينية، ومذهبية، أسست إلى ثقافة الموت والانتحار والقتل، خصوصاً في العالم العربي والإسلامي.إن تنظيم "داعش" الذي يجاهر اليوم بجرائمه، التي ينفذها في الجزيرة العربية، وبعض "دول الربيع"، وبالتوجه نحو الغرب وآسيا وأماكن جغرافية أخرى، تمكن من أن يؤسس لنفسه قاعدة، يمارس من خلالها التخطيط والتدريب لعناصره على أصناف عدة من العمليات القتالية، بالإضافة إلى تجنيد قطاع كبير من الشباب من الخليج والعالم العربي، ومن الغرب أيضاً.. حصيلة "داعش" مخيفة ومحزنة، فقد نفذ عمليتين إرهابيتين كبيرتين لأول مرة داخل السعودية، وفرع "داعش" في ليبيا، استولى على مدينة سرت النفطية، وقبلها استولى التنظيم على عاصمة محافظة الأنبار العراقية، كما أنه يواصل الزحف في سوريا، ويستولي على مدن وقرى تباعاً.من جانب آخر لا بد من الاعتراف، بأن هناك في المجتمعات الخليجية والعربية والإسلامية، من يؤيد "داعش"، ويتبنى الفكر الإقصائي والتكفيري، ويسهم في نشره والترويج له، في مقابل غياب، أو تساهل، أو تستر العديد من الحكومات في المنطقة، لمواجهة هذا الفكر المنحرف، والعمل على استئصاله. المعضلة تكمن في أن التغاضي عن طبيعة هذا الفكر ـ في الخارج، لمواجهة الأعداء والخصوم ـ قد ينجح لبعض الوقت، لكن ستكون تداعياته وارتداداته تضرب في الداخل، وضد الجميع بلا استثناء، بمن فيهم أصحاب الفكر نفسه، أو المحسوبون عليه، ودرس إرسال الشباب العربي والخليجي إلى أفغانستان، والبوسنة، والشيشان، كان عبرة قاسية، مع أن العديد لم يعتبر. إن هذا الفكر المتزمت، لا يؤمن بالتعايش، ولا يعترف بالتسامح والقبول، ويرفض الدخول في شراكة وطنية مع الآخرين، خصوصاً المختلف معه في الفكر، والمنهج، وطريقة التفكير والاعتقاد.. ونرى مع ذلك أن المواجهة الحقيقة معه ليست أمنية حصراً، بل فكرية، وثقافية، وتدريبية؛ من البيت، والمدرسة، والمسجد، والمجتمع، وقانون الدولة، ومؤسساتها المدنية.