12 سبتمبر 2025
تسجيلبناء على دراسة تم إعدادها في هولندا، يفقد الانسان نصف أصدقائه المقربين، ويستبدلهم بأصدقاء جدد كل سبعة سنين. هذا بحث قديم تم اعداده في عام ٢٠٠٩، أي في بداية حقبة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية. وأنا متأكدة لو أُعدت هذه الدراسة اليوم، لربما كان عدد الأصدقاء الذين نفقدهم كل سبعة سنين أكثر من النصف! من الطبيعي أن يخسر ويكسب الانسان الأصدقاء على مر حياته. فالإنسان يتغير، و أصدقاؤه يتغيرون أيضاً، وظروفهما وحياتهما تتغير! لا شيء يبقى على حاله. الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو حتمية التغيير نفسه! ولأننا نتغير والناس معنا تتبدل والحياة من حولنا تتحول. نفقد بعض الناس من حولنا، ونفوز بآخرين غيرهم. الجميل في دوامة التغيير هذه، بأن أبعد ما نتوقعه محتمل الحدوث. ومن هذه الأمور مثلاً أن نصادق أناساً لم نتوقع في يوم ما أن نصادقهم وأن يصبحوا جزءا من حياتنا، كأن تصبح العمة التي لم نفهمها في صغرنا، صديقتنا، أو أن يصبح أعز أصدقائنا جارنا وتصبح أثمن أحاديثنا حديث الصباح معه عندما نصادفه وقت خروجنا للعمل. ومن قصص الأصدقاء غير المتوقعين، أذكر هنا قصة راي هينتون، الرجل الأسود الأمريكي الذي حُكم عليه ظلماً بالإعدام، وقضى ما يقارب ثلاثة عقود وراء القضبان، قبل أن يتم تبرئته والإفراج عنه. وفي السجن، صادق هينتون آخر شخص توقع أن يصادقه في العالم، رجل أبيض البشرة اسمه هنري. وكان هنري ينتمي إلى جماعة الكوكلاس كلان العنصرية، وكان قد تم الحكم عليه بالإعدام لقيامه بقتل رجل بلا سبب إلا لكونه أسود البشرة.في السجن، تحدث الرجلان لأول مرة عندما سمع هينتون بكاء هنري وعويله. فتحدث هينتون الذي بقي صامتاً منذ الحكم عليه بالإعدام لثلاث سنوات، وسأله ما الذي يبكيك؟ أجابه هنري: أمي توفيت. عزا هينتون هنري وأخبره نكتة ليحاول تلطيف الجو بينهما. وبدأ الرجلان من بعدها التحدث لبعضهم البعض دون أن يكون في استطاعتهما رؤية بعض. وأخبر هنري هينتون عن جريمته، وانصدم هنري عندما عرف بأن هينتون نفسه أسود. ومع مرور الأيام، تقارب الرجلان أكثر، واعترف هنري بندمه على جرمه الذي ارتكبه في صغره، لمجرد أن أباه الذي كان قائداً في جماعة الكوكلاس كلان، كان قد طلب منه ذلك، ورباه على كراهية جميع السود.ألا نقول دائماً أننا لم نتقبل في البداية أصدقاءنا المقربين؟ ألم نقل بأننا لم نتخيلهم كأصدقاء بل بعضهم تخيلناهم كأعداء؟! يجب علينا ألا نتشبث بأصدقائنا حتى تنزرع طبعة أظافرنا في لحومهم. أصدقاء الثماني سنوات سيبقون دون الحاجة إلى ذلك، وفي المقابل علينا أن نفتح قلوبنا وعقولنا للجميع، لربما اكتسبنا صديق العمر هنا أو هناك.. عمداً أو بالصدفة!