13 سبتمبر 2025

تسجيل

تعلم منها كيف تبتسم رغم أنف الظروف

24 مايو 2016

تطور شخصية الكاتب يرتبط بالكثير من الأمور منها: تأثره بواقعه وقدرته على مراقبة وملاحظة تصرفات من فيه ومن ثم تصنيفها بحسب ما يُميزها؛ كي يتم تخزينها حتى حين، متى قُدِرَ له أن يكون قُرِعَ جرس الاستعانة بها وقُدِرَ لاستخدامها أن يكون وعلى الفور، وبما أن الأمر ينطبق علي أيضاً بحكم أني صاحبة قلم وأسلك ذات المسار، فلقد صارت مهمة المراقبة (تلك) رائعة بكل ما تعنيه الكلمة، فالأمر لا يعني تدوين الملاحظات الساخنة فور خروجها من الفرن فحسب، ولكن التلذذ بكامل العملية وكل ما تتضمنه من خطوات تبدأ بخروج تلك الملاحظات مروراً بمرحلة تعبئة الأطباق، التي نستخدمها فيما بعد؛ لصنع شخصيات درامية تُهذب المتلقي في مراحل لاحقة من جهة، وتصقل شخصية الكاتب ذاته (بما فيها من منفعة حقيقية له) من جهة أخرى. والحق أن المرور بذلك ليس بالأمر الجديد بتاتاً، فهو ما اعتدت عليه ولأعوام لم يتطرق إليها أي جديد سوى ذاك الذي فرضته علينا الشخصيات التي كنا نُقبل عليها في كل مرة، وكانت تحمل العديد من التفاصيل المختلفة التي لا تمت لكل من سبقها بصلة، حتى باتت خطوة البحث عن المزيد من السمات الشخصية الجديدة مهمة تشغلني كثيراً، فصرت أبحث عنها في كل مكان أتواجد فيه، وفي كل زاوية تقع عليها نظراتي، إلى أن جمعتني الصدفة بشخصية لن أخصها بأي شيء، ولكني سأسلط الضوء على بعض ما تتمتع به حتى يصل كل متابع لهذا المقال في هذا اليوم إلى الحقيقة التي تليق بها، وتليق بأن تُنسب إليها، فإليكم التالي: إن ما تجمعه هذه الشخصية وما يجتمع فيها وإن كان أصيلاً وأصلياً إلا أنه قد نضج وتَشَكَلَ جيداً بفضل الظروف، التي وعلى ما أعتقد بأنها كانت لتكسر ظهر سواها متى عانقتها ذات الأحداث وتمسكت بها وبشدة دون أن تسمح لها بالانفلات ومن ثم الهروب منها، فهي امرأة مطلقة أجبرتها ظروف الحياة على العيش في مجتمع غربي، وغريب الملامح مع 3 أطفال أكبرهم لم يتجاوز العقد الأول بعد، ولكنها وعلى الرغم من ذلك قد تمكنت من ضبطه وأخوته بغرس القيم النبيلة في نفوسهم بهدف مد المجتمع بشخصيات سوية في المستقبل، وهو ما قد يبدو هيناً للبعض (لا بطولة فيه)، والسبب ما يغلبه من مرح يظهر على السطح بعد أن يتغلب على ما في الأعماق، في حين أنه وفي حقيقة الأمر ليس كذلك بتاتاً؛ لأن المهمة التي أُسندت إلى تلك السيدة تتطلب منها العمل بدوام كلي لا راحة فيه أبداً، وحين يتعلق الأمر بأم مطلقة فهو ما يعني أنها ستلعب دور الأم والأب أيضاً، أي أن الحمل سيكون ثقيلاً ومضاعفاً، خاصة أن غياب ذاك الأخير يجعل خطواتها أصعب وإلى حد (ما)، لن تتمكن من تسهيله حتى تعمل بحرفية ستكتسبها مع مرور الوقت وستُعينها على تحقيق المُراد وخلال فترة زمنية ستتقلص وستصبح أكثر مرونة متى التزمت بها، والحق أنه ما تميل إليه صاحبتنا التي تحرص على لعب كل الأدوار وبحرفية تامة، فهي لا تكتفي بدور الأم والأب فقط، بل انها تلعب دور الأصدقاء، والجيران الذين تنصل منهم واقعهم البارد المنبثق من مجتمع غريب أجبرتهم الظروف على الانتقال إليه؛ كي تعبث بملامح هويتهم، غير أن ذكاء الأم وحرصها على أطفالها قد أجبراها على الالتزام بتلك المهمة وبـ (صدر رحب) لا يدعي عدم تأثره بما يحدث من حوله، ولكنه يحرص على البحث عن الخير الذي يعيش في جوفه؛ كي يخرج به، أما ما يطل منه من شر لا حاجة له، فهو ما يحرص على تجنبه وتجاوزه؛ كي تنعم صاحبته بعيشة هنية تبحث عنها مع كل لحظة جديدة تُقبل عليها. إن تلك المرأة وحياتها التي قد تبدو عادية للبعض ليست بالشخصية الجديدة التي لم يسبق لي التعرف إليها من قبل، ولكن ما تقدمت به من إيمانٍ بالله وبأن كل ما يكون منه سيكون لخير سيلحق به هو الجديد والمتجدد، فمنها تعلمت وغيري بأن الحزن على ما يحدث لنا، والتأثر به، ومن ثم الانغماس فيه لن يُضيف لنا أي شيء، بل وعلى العكس تماماً فإنه ما سيأخذ منا الكثير من الوقت، الذي سنبكي عليه فيما بعد، حين يمضي ولا نجد منه ما يكفي؛ كي نعيش حياتنا كما يجب، ونتمنى لو أنه يعود بنا من جديد؛ كي نعوض ما قد فات ولكنه سيبدو مستحيلاً حينها؛ لأن الوقت لا يعود إلى الوراء أبداً وإن كنا نأمل ذلك، وبصراحة أجد أن الأمر يتطلب تصالحاً مع الذات متى كان منا كان لنا حق العيش بسعادة تحت كل الظروف أياً كان لونها، تماماً كما هو الحال مع صاحبتنا، التي عاصرت الكثير من الأحداث التعيسة، التي لم تتمكن منها بفضل (قوة إيمانها)، وتلك الابتسامة التي تعلو وجهها حين تطرح ذات السؤال في كل مرة تعترضها مصيبة جديدة ألا وهو: ما الفائدة من الحزن؟ وإلى أين سيصل بي؟ حقيقة أجد أن السؤال الذي تطرحه صاحبتنا مع كل مصيبة تنهال عليها في محله؛ لأنه وإن لم يُطرح وقررنا الانغماس في الحزن والتأثر بما يحدث، فلن نتمكن من العودة إلى أرض الواقع؛ للتفكير بحل يُعيد الأمور إلى صوابها، ولن نتمكن ومن بعد من التقدم بجديد لنا نستعيد معه كامل نشاطنا؛ للقيام بكل ما نحبه كما نحب، وتكون فيه ومنه متعة الحياة الحقيقية، التي يجدر بنا التفكير بها والتركيز عليها، ومن الواجب أن نبحث عنها في كل مكان أليس كذلك؟إن كل ما قد ورد سابقاً هو كل ما يجدر بنا الأخذ به؛ كي نُجدد حياتنا ونتجدد، ونُقبل على كل ما فيه سعادتنا ويمكننا تحقيقه متى التزمنا بما ذُكر، وحتى نفعل ويكون لنا ما نريده نسأل الله التوفيق للجميع (اللهم آمين).