13 سبتمبر 2025
تسجيلسمة البرود هي ما يطغى على العلاقة بين الطرفين، تختفي المشاعر تماماً، وتغيب لغة الحوار بين الطرفين، تربطهما فقط علاقة شكلية أمام المجتمع المحيط بهما، أو أطفال لا يرغبان في إجهادهم نفسياً، وضياع مستقبلهم، فيعيشان تحت سقف واحد لكن دون تواصل، وتقتصر العلاقات بينهما على أمورٍ بسيطة، وتفرق بينهما مساحاتٍ شاسعةٍ من الناحية النفسية رغم أنهما يقفان في ذات المكان، الجفاف يطغى على العلاقة وكأنها صحراء جرداء، إنه الطلاق العاطفي، فما الطلاق العاطفي وما أسبابه وما الآثار التي يتركها على الأسرة والأطفال، وما الحلول الناجعة لهذه الظاهرة؟. إن ظاهرة الخلافات الزوجية ظاهرة طبيعية ولا تكاد أسرة تخلو من بعض الخلافات بين طرفي العلاقة، ولكنّ الإشكالية تكمن في أن عدم تجاوز هذه الخلافات وحلها يؤدي إلى تعمقها وتجذرها مما يساعد في وجود شرخ كبير في العلاقة بين الزوجين، وهو ما يصل إلى ما يسمى الانفصال العاطفي بين الزوجين، وهو حالة من الانفصال داخل المنزل تتمثل في حالة من غياب المشاعر والعواطف، حيث يعيش الزوجان في بيت واحد كالأغراب للحفاظ على شكل الأسرة أمام المجتمع أو للحفاظ على الأولاد من الضياع، وقد يكون الانفصال العاطفي من أحد طرفي العلاقة أو من الطرفين معاً. وهنالك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى حدوث الانفصال العاطفي بين الزوجين، من ضمنها ألا يحل الزوجان الخلافات القائمة بينهما مما يؤدي إلى تجذرها وتراكمها نتيجة غياب لغة الحوار بين الطرفين أو عند أحد أطراف العلاقة مما يساهم في اتساع فجوة الخلاف، كما تساهم الأوضاع الاقتصادية للأسرة كأن يعجز رب المنزل عن توفير كافة احتياجات أسرته نتيجة ظروفه الاقتصادية أو لعدم حصوله على فرصة عمل، وقد يساهم إهمال أحد طرفي العلاقة للآخر وشعوره بعدم الاهتمام والإهمال في حدوث هذه الظاهرة، وقد يساهم اختلاف الاهتمامات بين الطرفين أو اختلاف وجهات النظر وطريقة التعامل مع الأمور الحياتية المختلفة في حدوث الانفصال العاطفي. ولا تقتصر آثار هذه الظاهرة على الزوجين وحدهما، بل قد تمتد آثارها لتطول الأطفال، فعلى الرغم من أن الزوجين اختارا هذه الطريقة بهدف عدم حدوث طلاق فعلي يؤدي إلى تفكك الأسرة، إلا أن ملاحظة الأطفال لغياب التواصل بين الأب والأم يترك العديد من الآثار النفسية عليهم قد تصل إلى انعزال الأطفال وعدم رغبتهم في التواصل مع أقرانهم أو حتى الشعور بالحزن والاكتئاب نتيجة غياب الأجواء العائلية الصحية، كما قد يمتد البرود العاطفي إلى العلاقة بين الأبناء أنفسهم، خاصة أن إهمال العلاقة الزوجية يساهم في تشتيت انتباه الأبوين عن أبنائهما، وإهمال متطلباتهم، كذلك فإن الأطفال بحاجة للإحساس الدائم بوجود الأب والأم معاً للشعور بالأمان. وهنالك العديد من الحلول التي يمكن أن تساعد في حل مثل هذه الإشكاليات الأسرية، فمن الضروري عدم إهمال المشاكل الزوجية وإيجاد لغة حوار مشتركة بين الزوجين بهدف تجاوز هذه الخلافات وعدم تطورها، كما لابد من مراعاة ظروف الزوج الاقتصادية في حال كان سبب الخلافات من هذه الزاوية، إلى جانب ذلك لابد من التواصل المستمر بين الزوجين واهتمام كل منهما بالأمور التي يهتم بها الطرف الآخر، ومن الممكن أن تكون هنالك دورات توعوية من المؤسسات المهتمة بالأسرة ومشاكلها. إن العلاقة الزوجية علاقة مقدسة وبناء الأسرة بحاجة إلى وعي كبير ولا يقتصر فقط على عقد بين طرفين، فبناء الأسرة يعني التزاماً أدبياً بين طرفين قبل أي التزام مادي، وإنجاب الأطفال بحاجة إلى وعي بأهمية تربية هذا الطفل بطريقة صحيحة تساهم في تنشئةٍ إنسان تنشئة صحية تترك أثرها على المجتمع، فالأسرة التي تعد نواة المجتمع هي الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع، وقد اهتم ديننا الحنيف بوضع القواعد التي تساعد في خلق أسرة مميزة ليكون المجتمع الإسلامي مجتمعاً مميزاً. طالبة في جامعة قطر