11 سبتمبر 2025
تسجيلأكثر ما يمكن بأن يتسبب في تورم القلب من شدة القهر هو وقوع الظلم عليه، فهو ما يؤدي إلى وقوعه ووقوع صاحبه هو الآخر وسط حفرة مظلمة تعتنق الظلمة عن اقتناع، ولا تدرك سواها، الأمر الذي يجعل كل من يقع فيها فاقداً لبصره وبصيرته؛ لتجده لا يرى ما يقوم به، ويقوم بما لا يراه حتى لينتهي الأمر بشكلٍ فوضوي تغلبه الكثير من المشاعر المتضاربة، فهو الحزن والغضب والقهر والخوف والقلق، وكل ما يمكن بأن يضرب قلبه وعقله عرض الحائط؛ ليخرج من وضعه الصعب لكل ما هو أصعب، ويواجه لحظات غريبة تستنكر كل ما اكتسبه من هذه الحياة، فلا يخمد علمه حزنه وغضبه، ولا يكبح تفكيره قهره وخوفه أو قلقه، ولكنه يظل متخبطاً حيث هو، باحثاً عمن ينصفه على أمل أن يجده وينصفه فعلاً، والعجيب أن ذاك المشهد لا يقف عند ذاك الحد؛ لينتهي حيث يتمنى صاحبه، بل انه يتمرد عليه ويتمادى حتى يمتد ويصل إلى مرحلة نمقتها وبشدة، وأي عاقل يقبل به ذاك الوضع أصلاً؟ إن أكبر ما يمكن بأن يسمح لحدقة الظلم بالاتساع هو غياب الحقيقة عن الصورة التي تصلنا، وهو ما يكون كنتيجة طبيعية لاعتمادنا على ما يصل إلينا من قبل آخرين لربما لا علاقة لهم بالأمر، وكل ما حدث أنهم من قد تكفل بمهمة إرسال الحقيقة للطرف الثاني المعني، ولكن تلك المهمة لم تكن على وجهها الصحيح، إذ تعرضت لوخزات في طريق الوصول جعلتهم يبترون منها الكثير حتى يسهل عليهم نقلها، وإن كانت بشكل لا يمت لحقيقتها بصلة، وهو ما لن يشغل بالهم بتاتاً؛ لأن الرسالة الحقيقية لا تعنيهم ولا تمثل لهم أي شيء، ولكن مهمة إرسالها التي ستعود عليهم بكثير من الفائدة هي ما تجبرهم على الانضباط، مما يجعل إتمام مهمة الإرسال أهم بكثير من التأكد من محتوى الرسالة التي ينتظرها الطرف الثاني، والتي تحمل في جوفها ما قد يغير الكثير من الواقع وفيه، وللأسف كم هي كثيرة تلك الحقائق التي تعرضت للبتر والتزييف والتخريف؛ لتصل إلينا مشوهة دون أن نتمكن من التعرف عليها؛ للحكم فيها وفي شؤون أخرى تعتمد عليها حياتنا، ولكنها تعطلت وعطلت أحلامنا وطموحاتنا، وحكمت علينا بالبقاء حيث نحن، دون أن نتقدم؛ لنحرز كل ما نتمناه، والفضل كله لـ (أصحاب النفوس الضعيفة) الذين لا يسعون لأي خير إن لم يكن لهم، وعليه فلقد دمروا حياة غيرهم، ممن يحسبون بأنهم السبب الرئيسي لكل ما حدث، وهو ما يجعلهم في الجهة المقابلة من الحقيقة المشوهة. أصحاب الجهة المقابلة كثيرة هي تلك اللحظات التي نقف فيها ونفكر ملياً بالدمار (الوهمي) الذي تسببنا به لنا ولمن حولنا، وذلك لاعتقادنا بأن ما قد وصل إلينا هو الحق بعينه، رغم أنه ليس كذلك، فهو ما لا يمت له بصلة، وكل ما في الأمر أننا نحمل قلوباً صافية لا تدرك معنى الغش والخداع، وعليه فإننا لا نقبل بالتسليم لفكرة أن هناك من يمكن بأن يسعى إلى تشويه سمعة الحقيقة؛ لذا تجدنا نقبل بأن نتحمل كامل المسؤولية، بل ونفكر بتعويض الجميع من قبلنا، وهو ما لا يُعقل بأن يحدث أبداً، ما لم نتأكد من الوضع كاملاً، إذ يتوجب علينا التأكد من الأمر، حتى نقلص حجم الخسائر التي سبق وأن كانت، ونمنعها من التورم أكثر؛ ليقضي الأمر علينا جميعاً. وماذا بعد؟ ما كان من الماضي فهو ماضٍ نحوه، وسبق له وأن كان، غير أنه قد رحل؛ لذا فلن نحُاسب على ما قد كان منا، ولكننا سنخرج منه بكل فائدة ممكنة، أما فيما يتعلق بالوقت الحالي، فإنه يتوجب علينا التفكير ملياً بكل مشكلة نتعرض لها، ونبحث فيها جيداً، فنتبين أولاً من حقيقتها، دون أن نعتمد على ما يصلنا من الآخرين، الذين ولربما لا يدركونها كاملة، كما أنه يتوجب علينا وضع الخجل جانباً؛ كي نتمكن من المطالبة بكل ما نريد دون أن يعترض هذا الخجل طريقنا، فنمضي وبكل يُسر نحو حقوقنا، دون أن نجلس حيث نحن؛ لتناول وجبة دسمة من (جلد الذات)، تسمح لغيرنا بسلبنا دون أن نستوقفهم، ولربما هي هذه اللحظة المناسبة التي تستحق منا القيام بكل ما سبق ذكره. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]