11 سبتمبر 2025

تسجيل

الرَّقّة روائيا

24 فبراير 2016

هيمن الوضع الراهن على المشغل الروائي السوري، في الروايات القليلة التي صدرت حتى الآن، لكنّ اللافت في الأمر أن تخوم الرواية السورية التي ظلت مرابطة في كثير من نماذجها عند حدود دمشق والحواضر القريبة، تخطّتها إلى الريف البعيد كمدينة الرقّة، على خلفيّة تداعيات الثورة السورية والصراع المسلّح وتمكّن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من احتلال الرقّة وطرد الفصائل الأخرى، لتكون المدينة الثانية في التنظيم بعد الموصل. فتحضر المدينة ميداناً لروايات جديدة تعكس واقع الكارثة السورية. في أعمال الروائيين شهلا العجيلي ونبيل سليمان ومحمود الجاسم.في "سماء قريبة من بيتنا" تكتب شهلا العجيلي عن المدينة بعيني فتاة شابّة سليلة أسرة أرستقراطية منفتحة على الحداثة والعالم، تشكّل الرقّة بالنسبة إليها عالم الطفولة بالرغم من رحلاتها وسكنها في أكثر من مكان كحلب وعمّان، وتعرض للحرب الدائرة وتأثيرها على مصائر أسرتها الصغيرة، التي تذوق مرارة التهجير والنزوح والموت غرقاً، وزواج البنت الصغرى من مجاهد غريب، ومرض البطلة بالسرطان الذي تهزمه بصبرها وتعاون الأهل والأصدقاء وكأنها تختزل سوريا كلّها في لحظة المرض والصبر والشفاء المرجوّ.في "ليل العالم" يستفيد الروائي نبيل سليمان من ذكريات بعيدة في المدينة حين جاء إليها شابّاً وعمل فيها مدرّساً، يتكئ سليمان على سيرته الذاتية ليعود المعلم القديم إلى الرقة مارّاً بحاراتها وقراها القريبة، لبناء شخصية منيب الخلف العلماني المحايد البعيد عن أحزاب الستينيات ذات المنشأ الإيديولوجي، ولكنّه يدفع ثمن ماضيه بالمثول أمام أصدقاء الأمس المتنفّذين حالياً في المدينة بعد سيطرة (داعش). لفتت الأنظار إليها مبكراً في المشهد الأدبي في موهبة الراحل عبد السلام العجيلي الذي يعدّ من روّاد الرواية السورية، ولكنّ روايات العجيلي لم تقتصر على الرقّة كما فعل نجيب محفوظ مع القاهرة، بل ذهبت كتاباته إلى المدن البعيدة والهمّ الوطني المرتبط بدمشق دائماً، وبرغم الأسماء التي قاربت الرقّة في أكثر من واقعة (خبرية) (سدّ الفرات - داعش) إلاّ أن روائياً مهمّشاً هو إبراهيم الخليل ظلّ يقارب المكان في رواياته وقصصه، في أعماله (حارة البدو- الهدس- الضباع) وغيرها.