11 سبتمبر 2025
تسجيلفي اليونان القديمة (399 — 469 ق.م) اشتهر سقراط بحكمته.. وفي أحد الأيام صادف الفيلسوف أحد معارفه الذي جرى اليه وقال له بتلهف: سقراط، أتعلم ما سمعت عن أحد طلابك؟ رد عليه سقراط: انتظر لحظة قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحانا صغيرا يدعى امتحان "الفلتر الثلاثي" تابع سقراط: "هذا صحيح قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله. الفلتر الأول هو الصدق، هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟ رد الرجل: "لا، في الواقع لقد سمعت الخبر" قال سقراط: "حسنا، إذاً ليس أكيدا أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ. لنجرب الفلتر الثاني، فلتر الطيبة، هل ما ستخبرني به عن طالبي شيء طيب؟ "لا، على العكس" تابع سقراط: "حسنا إذاً ستخبرني بشيء سيئ عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح؟" بدأ الرجل بالشعور بالإحراج. تابع سقراط: "ما زال بإمكانك أن تنجح بالامتحان، فهناك فلتر ثالث، فلتر الفائدة، هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟" "في الواقع لا" تابع سقراط: " إذاً، إذا كنت ستخبرني بشيء ليس بصحيح ولا بطيب ولا ذي فائدة أو قيمة، لماذا تخبرني به من الأصل؟" فسكت الرجل وشعر بالهزيمة والإهانة، لهذا السبب كان سقراط فيلسوفا يقدره الناس ويضعونه في مكانة عالية.. هذا كان رأي سقراط الحكيم.. والأحرى بنا نحن المسلمين أن نعمل بما جاء به ديننا الحنيف، وما علمنا إياه منهج ديننا، فقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات/6 لقد بتنا نرى تلك الفتن التي تعاني منها أمتنا العربية والإسلامية في هذا الوقت الذي صار فيه الحليم حيران، وغدت الحقائق فيه أشبه بجبال شاهقة ولكن تخفيها الغيوم والضباب حتى نكاد نجزم بأن الأرض هناك مستوية.. وبأن الجبال لا وجود لها أصلاً.. لقد عانت أمتنا الأمرين من وجود المنافقين والكاذبين، وتجار الحروب ومروجي الاكاذيب والشائعات، والمؤججين لنار الفتن ودس الأقاويل والشائعات لتحقيق مآربهم الشخصية، ولزرع بذور الخلاف والشقاق بين صفوف الأمة الواحدة، فلو أن كلا منا فلتر ما يصله من أخبار أو دسائس كما فعل سقراط، او حتى كما أمرنا ديننا الحنيف أن نفعل، لكنا في منزلة أعلى بكثير مما نحن فيه الآن.. ولما دبت في خيمنا نار الحقد والبغض والفرقة التي لا تزيدنا إلا ضعفاً ووهنا وتأخراً.. ومضة: وغير بعيد عنها، ظهرت قريتان أخريان تدعيان (الطريق الشرقية) و(الطريق الغربية). وما زال السكان، من ذرية سكان القرية الأولى، لم يتحدثوا إلى بعضهم البعض لأن الزمن والخرافة وضعا حاجزاً من الخوف بينهم.. فلقد استقر بداخلهم أنه إذا ما حاولوا إعادة الصلات، فسيواجه مجتمعهم خطراً هائلاً. ويعلق الشيخ (قالندار شاه): لا يعتمد كل شيء في العالم على الأشياء ذاتها، بل على علاقتنا بها..