17 سبتمبر 2025

تسجيل

إصلاحات اقتصادية حديثة في البحرين

24 يناير 2016

يمكن الزعم بأن السلطات في البحرين ترى في البيئة الحالية لأسعار النفط فرصة ذهبية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية طال انتظارها. مما لا شك فيه، يضر الانخفاض الحاد لأسعار النفط بالاقتصاد الوطني فيما يخص الإيرادات والنفقات والعجز. عموما، تفرض أسعار النفط السائدة في الأسواق الدولية نفسها على الاقتصاد البحريني لكون البحرين من صغار المنتجين بل ليست عضوا في أوبك.ويبدو جليا بأن السلطات تركز جهودها على إعادة هندسة الإعانات من جهة وإعادة النظر في العلاوات الممنوحة من جهة أخرى وصولا للتفكير في فرض ضرائب، وذلك في إطار معالجة التحديات التي تواجه المالية العامة. بيد أنه لا يوجد حديث عن التخلص من جميع أنواع الدعم والإعانات، بل الحد منها أينما كان ممكنا.في الواقع، تم إعداد موازنة السنتين الماليتين 2015 و2016 قبل الهبوط الحاد الأخير والمستمر لأسعار النفط في الأسواق الدولية. ويعتقد بأن موازنة البحرين بحاجة لمتوسط سعر قدره 138 دولارا للبرميل لتحقيق نقطة التعادل، وهذا أمر لا يمكن تصوره على الإطلاق في ظل الظروف الحالية.حتى الآن، اتخذ المسؤولون خطوات تتعلق بفئتين من الإعانات، وتحديدا إعادة تسعيرة اللحوم والمنتجات النفطية، فقد تم رفع الدعم عن اللحوم الحمراء في النصف الثاني من عام 2015. وربما أكدت التجربة قدرة الشارع على التكيف مع الأسعار الجديدة رغم عدم رضاه. إضافة إلى ذلك، تتعلق أحدث خطوة بالحد من الدعم المقدم للبنزين، فقد تم رفع سعر النوعية الممتازة بواقع 60 بالمائة، وعليه تبلغ قيمة التسعيرة الجديدة 42 سنتا أمريكيا للتر الواحد. ويترجم هذا إلى أن سعر البنزين عالي الجودة في البحرين يأتي في المرتبة الثانية على مستوى دول مجلس التعاون بعد الإمارات. الخطوة الثالثة، والتي من المتوقع أن تحدث في غضون الأسابيع المقبلة تتضمن رفع تعريفة الكهرباء والماء، ومن شأن هذه الخطوات حصول تغييرات في نمط المعيشة وطريقة تعامل الناس مع استخدام الكهرباء والماء والسيارة واللحوم. بل ليس من المستبعد مع مرور الزمن لجوء البعض لخيار التنقل بسيارات مشتركة للعمل في حال توافر الظروف، كما أن بعض المواطنين قد يرى صواب استخدام المواصلات العامة في أيام غير الدوام. وفي المحصلة، سوف تساعد هذه الخطوات في انخفاض مستوى الازدحام في الشوارع العامة.حقيقة القول، تتناسب الإجراءات المحدثة فيما يخص الدعم مع نصائح الجهات الدولية ذات العلاقة مثل صندوق النقد الدولي، فقد دأب الصندوق على تقديم نصائح من خلال المراجعة الدورية للاقتصاد البحريني في إطار المادة الرابعة بضرورة إعادة هندسة الدعم وقصره على فئات معينة من المواطنين للتغلب على أوجه القصور في المالية العامة.كما أن وكالات التنصيف الائتماني سوف تنظر لهذه الخطوات بعين الارتياح، لأنها سوف تحسن من حالة المالية العامة عبر تعزيز الإيرادات وتقليل المصروفات. يشار إلى أن كلا من وكالة "موديز" ومؤسسة "ستاندرد آند بورز" على حد سواء لديهما نظرة سلبية عن مستقبل الاقتصاد البحريني.بالنظر للأمام، توجد فرضية فرض ضريبة القيمة المضافة في حال تم تطبيقها في دول الجوار، وكانت الرياض قد كشفت عن خطة لفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 بالمائة بعد سنتين كفترة سماح للتكيف.الأمر الملاحظ بأن إعادة تسعيرة المنتجات النفطية باتت واقعا في المنظومة الخليجية لدرجة أن دولا أكثر ثروة سبقت البحرين في إعادة هندسة النفقات وتعزيز الإيرادات، الأمر الذي وفر مجالا رحبا للجهات المسؤولة في البحرين لاتخاذ خطوات مشابهة.