31 أكتوبر 2025
تسجيلوجودنا في هذه الحياة لم يكن عبثاً بل فيه مُطالبة لكل نفس ببعث أفضل ما لديها من خلال دار العبور إلى دار الخلود، وعليه فإن كل ما نقوم به له قيمة إما أن تُضاعف من قيمتنا وإما لا تفعل، ويظل القرار الأول والأخير رهن إشارة صاحب الشأن، الذي يتولى مهمة نفسه لحظة دخوله إلى هذه الدنيا وحتى خروجه منها، دون أن يتحمل مسؤولية نجاحه فيها أو فشله سواه، والحق أن منا من يدرك هذه الحقيقة جيداً؛ لذا يُخلص لذاته بالتحكم بملذاته، التي يدرك بأنها ستتسبب إما بضياعه أو نجاته، ومنا من يجهلها فيعيش حياته بضربات عشوائية تحقق له ما يريده على قدر ما ستجود به الصدفة، ومنا من يتجاهلها هذه الحقيقة، ويحرص على أن يمضي حياته كما يريد ودون أن ينازعه أي أحد على أي شيء يود القيام به، فهو الصنف الذي (يعيش على هواه وإن لم يندمج مع الآخرين)، وبين كل تلك الأصناف يظل النجاح هو (الفرض) الذي يجدر بنا القيام به وتحت أي ظرف من الظروف دون أن نخضع لأي سبب يُبرر لنا الفشل فيما نود القيام به؛ كي نتوقف ويتجمد العطاء. على الرغم من أن النجاح هو الحق الذي شُرِع للجميع، إلا أنه يظل بهوية غامضة لا يمكن تحديدها؛ لذا يكتفي كل واحد منا بإدراكها تلك الهوية من خلال تجربته التي يخوضها، والشعور الرائع الذي يغلبه ويخرج به حين ينتهي منها (تلك التجربة)؛ ليتباهى ومن بعد وإن كان ذلك على الصعيد الداخلي بما أنجزه، ويستحق منه كل ما يكون منه حتى وإن تواضع حجم إنجازه، الذي لا يستحق منه سوى التفاخر به دون أن يلتفت للآخرين ممن يفشلون في حياتهم ويحرصون على مد أنابيب الفشل في أرضه؛ كي ينصاع له ولهم، ويصبح هو الآخر إضافة جديدة على (قائمة الفشل)، التي ينضم إليها؛ كي يُباشر مهمته وهي إفساد حياة غيره تماماً كم تم إفساد حياته، وهو ما لا يكون إلا إن انصاع لنفسه الأمارة بالسوء، والتي ستُزين له ما يفعله فلا يبدو له سيئاً أبداً، فيكون ذلك هو الدافع الذي يحثه على المتابعة، التي ستنخر رغبة النجاح ما لم تجد منا مقاومة تُذكر وتُجمد كل ذلك الشر فلا يكون. إن أصعب درجات الفشل هذا إن صح لنا تحديد درجاته هي تلك الدرجة التي يقع فيها الفاشل أرضاً ويحرص على أن يسحب غيره معه فلا تكون الخسارة من نصيبه وحده، ومن وجهة نظري فإن هذا النوع من الأفراد، الذي يبلغ هذه الدرجة الحالكة لا يعاني من الفشل وحده، ولكن من الحقد الذي يسمح له بزوال حق غيره من النجاح، والحق أن التواجد معه ولأي سبب من الأسباب وتحت أي ظرف من الظروف بداية لا تُبشر بخير أبداً، ويجدر بمن سيتورط فيها بالفرار بحياته للنجاة بها؛ وكي يحظى بفرصة تسمح له بأن يُبدع من جديد في بيئة نقية لا يشوبها الفشل الممتد من أصحاب الفشل ممن لا يرغبون فى سواه أبداً. وأخيراً: فإن النجاح قضية تشغل الجميع، والفشل آفة تفتك بالبعض، ومن حقنا على بعضنا البعض بأن نتجنبه ونُساعد غيرنا على تجنبه أيضاً، بإرشادهم منذ البداية، أو بلحظة إدراكنا لظهوره في سماء حياتهم، وبما أن صفحة (الزاوية الثالثة) تحمل على عاتقها مهمة الإرشاد والتوجيه فلقد حرصنا على تسليط الضوء على هذا الموضوع على أمل أن نخرج بالهدف المرجو من هذا العدد، وعليه فهو لكم ما كان منكم.من همسات الزاويةكي تنجح وتدرك قيمة النجاح الذي تحققه في حياتك فلابد لك وأن تبذل من المحاولات الكثير دون أن يتمكن منك اليأس، الذي لا حق لك بالالتفات إليه أبداً حتى وإن حاصرك الفشل، أي ذاك الذي سيخجل منك متى أدرك منك إصرارك على متابعة ما قد بدأته وبإصرار سيأخذك إلى حيث تريد بإذن الله تعالى.