11 سبتمبر 2025

تسجيل

صورة نمطية

23 ديسمبر 2015

أثارت مجلة الدوحة القطرية في عددها الأخير قضية الإبحار العربيّ في عالم الشبكة العنكبوتية والإدمان على مشاهدة المواقع الإباحية. تنتمي المقولة إن وافقنا عليها إلى الصورة المنمّطة للعربي الأمثولة في الجنس، في استشراقيات ثلاث القرون السابقة، وما رسمته السينما مثلاً بعد تصاوير لاكروا المشرقية عن العربي النّهم. ولكنّ التقارير تقول شيئاً حقيقياً، ولكنه ليس كلّ الحقيقة، فثقافة الجسد وما استتبعها من إدمان وشهوانيات فظّة، يأتي في سياق عصر كامل قام على أنقاض عصر المكتوب بحسب ريجيس دوبريه. من المؤكد أن هذه السمة تصدق على مبحري العالم، ومنهم مبحرو العرب الذين تتحكم بهم عوامل مختلفة، منها بؤس التعليم الذي نجح في تقديم موظفين إلى سوق العمل المتخم، وصادر المستقبل بالعودة إلى الماضي، وتوسّل مقارباته في تشكيل بدايات جديدة.يمكن القول إن هذه الظاهرة هي البنت اللقيطة للعولمة، وصورة فجّة من صورها المختلفة. لقد سبقت محطات التلفزيون الخاصة مواقع النت في أُخريات القرن العشرين، التي دحرت ثقافة الستينات الحالمة، على أرض واقع هشّ، واقتران ملفوظ اللذة بسيل من مشاهد عابرة لا تتكرر، مقترنةً بانحدار على مستوى القيم، في مجتمعات زاهدة في البحث عن السعادة الحقيقية، وفي المقابل كانت ردّة الفعل أعنف وأشدّ بؤساً في التطرّف الناتج عن قراءات فقيرة في الواقع.في مقابل ذلك حاول بعض المفكرين والإعلاميين تمرير المياه من تحت الجسور، ولكنّ الحلّ يجب أن يكون شاملاً وجذريّاً، ولابدّ من مشاركة الشباب في قضايا هامّة، فالمتابع لبدايات الربيع العربي سيلحظ أن نسبة التحرّش في مصر قد خفّت بشكل كبير في أثناء اعتصامات الميدان، ولهذا فإن هذا الإدمان ردّ فعل على تهميش شريحة فاعلة ونشطة. إضافة إلى ذلك يجب أن تكون فرص العمل مهيأة في وجوه الشباب، فإن البطالة التي يعاني منها الشباب سبب رئيس في إبحاره في هذه المواقع، وسبب في صناعة الدعارة الافتراضية كاقتصاد هامشي غير مشروع. وخلاصة القول إنّنا في حاجة إلى وعي جديد بذاتنا يفوق قدرة المثقف، ولكنه يبدأ منه، وعي يستمدّ مشروعيته من ثقافتنا ونوافذنا المفتوحة بعقلانيّة لبساتين الآخر.