17 سبتمبر 2025
تسجيلالأمل كبير في أن يحظى الشأن الاقتصادي بالاهتمام الكافي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في القمة رقم 33 في البحرين عشية عيد الميلاد المجيد. بل جرت العادة بأن تضيف كل قمة جديدة جملة مكاسب اقتصادية فيما يخص المشاريع التكاملية أي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة وبدرجة أقل الاتحاد النقدي. على سبيل المثال، أضافت القمة رقم 32 في السعودية لمشروع السوق الخليجية المشتركة عبر اعتمادها قواعد موحدة بالنسبة لإدراج الأوراق المالية المختلفة بما في ذلك الأسهم والصكوك ووحدات صناديق الاستثمار في الأسواق المالية بدول المجلس. مؤكدا، تعتبر الفترة الاسترشادية ضرورية وإن كانت مطولة في هذه الحالة حيث تمتد لسنتين ربما بالنظر لحساسية الموضوع بالنظر لحالة التباين في أسواق المال الخليجية. يشمل هذا التباين مستوى حجم التداول والقيم المتبادلة ومدى تأثر هذه الأسواق بالتطورات المحلية والإقليمية والدولية. إضافة إلى ذلك، أسهمت القمة رقم 32 في نهاية 2011 بواسطة إقرار التعرفة الجمركية الموحدة بين الدول الست بدءا من العام 2012. وقد شكل هذا التطور اختراقا طال انتظاره بالنسبة لتنفيذ مشروع الاتحاد الجمركي بعد مرور عدة سنوات على دخوله حيز التنفيذ (المزيد حول هذا الموضوع في الفقرات التالية) بدورها، أضافت القمة رقم 31 في أبو ظبي لمشروع السوق الخليجية المشتركة عبر الاتفاق على قانون يسمح بموجبه للشركات الخليجية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء ومساواتها في المعاملة كفروع لشركات وطنية. وفي نفس السياق، أقرت القمة رقم 30 في الكويت مبدأ المساواة بين مواطني دول المجلس في مجال التعليم الفني. وبالمزيد من التمحيص فيما يخص المشاريع التكاملية، فقد دخل مشروع الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في بداية العام 2003 على أمل الانتهاء من تطبيقه بشكل كامل في 2005 لكن تم تكرار تأجيل قرار التنفيذ الكامل للمشروع بسبب بعض المعوقات الجوهرية. أما القرار النهائي فعبارة عن تنفيذ المشروع جملة وتفصيلا في العام 2015 بعد القضاء على كافة الإشكالات بدليل إقرار تطبيق التعرفة المشتركة في 2012. وتنحصر المسائل العالقة بحل آلية تحصيل ونسب توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية فضلا عن حماية الوكيل من جهة والسلع من جهة أخرى. كما توجد معضلات إدارية تعيق عملية انسياب الشاحنات مثل منح التأشيرات للسواق. وتتعلق الأمور الأخرى بإيجاد ممرات خاصة لشاحنات الترانزيت وللمنتجات الغذائية سريعة التلف للمحافظة على صلاحيتها. ثم هناك مشروع السوق الخليجية والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2008 بعد إقراره في قمة الدوحة. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء تفعيلا لمبدأ المواطنة الخليجية. ويتضمن مشروع السوق المشتركة عشرة مسارات وهي 1) حرية التنقل والإقامة 2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية 3) التأمين الاجتماعي والتقاعد 4) ممارسة المهن والحرف 5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية 6) تملك العقار 7) انتقال رؤوس الأموال 8) المساواة في المعاملة الضريبة 9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات 10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية. يستثنى مشروع السوق المشتركة أربعة أمور وهي 1) خدمات الحج والعمرة 2) استقدام العمالة 3) الصحف والمجلات 4) الوكالات التجارية. لكن يتوقع حدوث انشراح فيما يخص الوكالات التجارية في ضوء رغبة الدول الأعضاء في فتح أسواقها وبالتالي تعزيز المنافسة ما يعني توفير فرص للمستهلكين للحصول على أسعار تنافسية وخدمات مناسبة. ومن شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. فحسب الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي يهدف المشروع "إلى إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي، وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي، وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصادات الحجم، ورفع الكفاءة في الإنتاج، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وتحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس وتعزيز مكانتها الفاعلة والمؤثرة بين التجمعات الاقتصادية الدولية". مؤكدا، لا يمكن التغاضي عن النتائج الاقتصادية الإيجابية التي تحققت في السنوات الماضية كدليل مادي على تطبيق جوانب من مشروعي الاتحاد النقدي والسوق المشتركة. فحسب أحدث الإحصاءات، بلغ حجم التبادل التجاري بين الدول الست 85 مليار دولار في العام 2011 أي الأعلى تاريخيا كنتيجة مباشرة لتطبيق المشاريع التكاملية الاقتصادية من قبيل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة. من جهة أخرى، لا يتوقع حصول تقدم مادي يذكر بالنسبة لمشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي دخل حيز التنفيذ مطلع العام 2010. ويعاني المشروع من صعوبات عملية بما في ذلك عدم انضمام كل من الإمارات وعمان إليه في إطار قرارات سيادية. وجاء عدم انضمام عمان للمشروع تم لأسباب اقتصادية رغبة منها بالاحتفاظ باستقلالية التوجهات بما في ذلك الإصرار على ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي. ويشكل مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المرحلة الأكثر طموحا في مسيرة التكامل الاقتصادي الخليجي، ويتضمن المشروع مجموعة معايير تتمثل في 1) تقييد الدين العام للحكومة عند حد 60 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي الاسمي 2) ضمان عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 3) التأكد من عدم ارتفاع مستوى التضخم عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة 4) الحيلولة دون ارتفاع معدلات الفائدة عن متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المائة 5) الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر. بقي علينا انتظار البيان الختامي للقمة رقم 33 في البحرين للوقوف على إنجازاتها الاقتصادية فيما يخص تنفيذ المشاريع التكاملية للمنظومة من قبيل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الخليجي.