11 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر 2022 ملتقى الحضارات وتقارب الشعوب

23 نوفمبر 2022

كانت قطر والعالم يوم الأحد قبل أول أمس العشرين من شهر نوفمبر على موعد مع مجد عالمي وتاريخي من خلال فعاليات افتتاح بطولة كأس العالم الأولى على مستوى الشرق الأوسط والعربي، ونجحت قطر في إبراز هويتها الثقافية، كما نجحنا على مدار 30 دقيقة، في إبهار العالم بأسره من خلال حفل ذي طابع عربي خليجي إسلامي يتناسب في الوقت نفسه مع كل الثقافات الشرقية والغربية، وكل دول العالم ومجتمعاتها وتقاليدها المختلفة، وكان حقاً ملتقى حضارات وثقافات وفرصة للتخاطب بين هذه الحضارات والثقافات المختلفة بلغة واحدة تحمل شعارات الوحدة والأمن والسلام المجتمعي، وكانت الشعوب العربية في لحمة فريدة من نوعها وهي تخاطب تلك الثقافات المتنوعة بلغة واحدة. من قطر من بلاد العرب نرحب بالمشاركين في كأس العالم كانت لكلمة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، التي رحب فيها بالحضور قائلا: «من قطر من بلاد العرب نرحب بالمشاركين في كأس العالم». لها تأثير قوي لدى الحضور الذين أطلقوا صرخة الإعجاب بلغة الجماهير المعروفة واعتلت الابتسامات على وجوه الحاضرين من الأمراء والرؤساء الضيوف واستطرد سموه وقال: «لتكن أياماً ملهمة بالخير والأمل، وأهلاً وسهلاً بالعالم في دوحة الجميع»، ولاقت هذه الكلمات الإعجاب لكل من سمعها من مليارات المشاهدين الذين حضروا الحفل من خلف الشاشة، وقد حملت هذه الكلمات الكثير من الرسائل السامية والمباشرة، والحافلة بالمعاني الإنسانية النبيلة، ومن أهمها هو التقاء الشعوب والحضارات المختلفة نحو هدف واحد وهو روح التنافس الرياضي الشريف والتحلي بالأخلاق السامية والتسامح والتقارب بين الديانات والثقافات المختلفة، وكان لمكان الاحتفال وهو (استاد البيت) معنى آخر وهو الملعب الذي يعبر عن كرم وحفاوة القطريين في استقبال ضيوفهم والترحيب بهم اقتداء بعاداتنا العربية والإسلامية، وشهد الجميع بأن حفل الافتتاح لبطولة كأس العالم قطر 2022 كان أسطورياً، وجمع بين عبق الشرق بنكهة قطرية خليجية مميزة إلى جانب عروضه المبهرة ومعانيه وقيمه السامية التي ركزت على الوحدة والتعايش والاحترام المتبادل وغيرها من القيم المشتركة بين الشعوب. لقطات مبهرة في حفل الافتتاح ومثل حضور عدد من رؤساء الدول العربية وتشريفهم حفل الافتتاح بمثابة قمة عربية مصغرة التقوا مع بعضهم البعض تاركين وراءهم أي خلافات وصراعات مضت كما نادى سمو الأمير بذلك في كلمته الافتتاحية للحفل. وقدمت قطر من خلال سبع فقرات متنوعة مبهرة قدمها فنانون عالميون إلى جانب المئات من العازفين والراقصين، وسعت جميعها إلى المزج بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية، أما العرض الأهم في هذا الافتتاح المبهر، فقد حمل عنوان Dreamers (حالمون)، وهي أغنية كانت من أداء نجم البوب الكوري الجنوبي جونغكوك، والمطرب القطري فهد الكبيسي. وفقرة القرش الهوني «النهم» ليكون بطلاً لحفل الافتتاح بوصف قطر من أكبر تجمعات أسماك القرش في العالم، وتعتبر أسماك القرش ذات البقع البيضاء علامة على التفاؤل. فيما حملت اللوحة الثانية شعار «تعارفوا» التي دارت حول التواصل بين الشرق والغرب، وشارك خلالها الفنان العالمي مورغان فريمان، مع القطري غانم المفتاح الشاب المعجزة الذي يمثل الأجيال الجديدة في المنطقة، وكل منهما يعتلي جسراً مضيئاً في لوحة بهية تعبر عن تقارب والتقاء الحضارات والثقافات. وجاء الدور على لوحة ثالثة، وشهدت ترديد أغنية «هلا» التي تشير إلى الترحيب، يجتمع أثناءها جميع المشاركين في البطولة، وتوجت اللوحة الفنية بالعرضة القطرية الشهيرة، وجمع أشهر هتافات المنتخبات الـ 32 المشاركين في البطولة في لوحة واحدة. وكانت لوحة رابعة، عبارة عن «نوستالجيا كروية» من خلال عمل فني موسيقي مميز وخدع بصرية هندسية. وجاء الدور على اللوحة الخامسة، وهي لوحة أغنية «حالمون». وتوالت اللوحات الفنية، عبر فيديو تاريخي يظهر خلاله الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ومجموعة من أصدقائه ممن ساهموا في بناء هذه الدولة، وهم يمارسون كرة القدم، تعبيرا عن المشاركة الأبوية للشعب القطري في هذا الحدث العالمي ثم جاءت اللوحة السابعة والختامية، تحت عنوان «هنا والآن» وظهور الشعار الرسمي للمونديال العالمي. كسرة أخيرة استحقت الدوحة بهذا الإبهار الأسطوري والتاريخي أن تعلن عن نفسها بأنها عاصمة الرياضة العالمية، وجاءت كلمات الإعجاب من مختلف الوكالات العالمية التي نقلت هذا الحفل الإبداعي، وستظل فقرات الافتتاح عالقة لسنوات طويلة في أذهان الكثير من الذين شاهدوا فقراته الفريدة من نوعها، وزادتنا فخرا بأن دولتنا قادرة على تقديم الأفضل في تنظيم أي محفل عالمي، وأوفينا بوعدنا للعالم، وستبقى كلمات سمو الأمير في افتتاحه للبطولة فخرا لكل خليجي وعربي ومحفورة في ذاكرة التاريخ، «لقد عملنا، ومعنا كثيرون، من أجل أن تكون من أنجح البطولات. بذلنا الجهد واستثمرنا في الخير للإنسانية جمعاء. وأخيرا وصلنا إلى يوم الافتتاح، اليوم الذي انتظرتموه بفارغ الصبر، سوف يجتمع الناس على اختلاف أجناسهم وجنسياتهم وعقائدهم وتوجهاتهم هنا في قطر، وحول الشاشات في جميع القارات للمشاركة في لحظات الإثارة ذاتها. ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبا، لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم في الوقت ذاته». ● الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية