11 سبتمبر 2025

تسجيل

الفصل التعسفي في قانون العمل القطري

23 نوفمبر 2021

إن المشرع القطري في قانون العمل القطري رقم 14 لسنة 2004 حاول إيجاد هذا التوازن بين حقوق العامل ورب العمل، لكن واجهته صعوبات في شأن مسألة إنهاء عقد العمل للفصل من الخدمة. وتتمثل هذه الصعوبات في التطبيق العملي في كثرة التحايل في شأن الفصل من الخدمة لأسباب غير مشروعة "الفصل التعسفي". ويرجع السبب في ذلك كون المشرع أباح إنهاء عقد العمل غير محدد المدة دون حاجة إلى اللجوء للقضاء أو اتفاق الطرفين، ووقع النص صراحة على حرية الانهاء بالإرادة المنفردة في المادة 49 من قانون العمل القطري رقم 14 لسنة 2004. وتختلف طريقة إنهاء عقد العمل بين كل من عقد العمل محدد المدة وعقد العمل غير محدد المدة، فعقد العمل محدد المدة وفق أحكام المادة 40 و41 من قانون العمل ينتهي، إما بانتهاء مدته المحددة في العقد، أو بإنجاز العمل المتفق عليه. ولكن الواقع العملي يشهد تجاوزات كثيرة بشأن إنهاء عقد العمل سواء محدد المدة أو غير محدد المدة وهذه التجاوزات تتمثل في قيام صاحب العمل بافتعال افعال تؤدي الى إنهاء علاقة العمل دون مبرر مشروع قبل انتهاء مدة عقد العمل أو انجاز العمل المتفق عليه في عقد العمل محدد المدة، ودون إخطار العامل في عقد العمل غير محدد المدة وانتظار مدة الاخطار، ثم يقوم بفصل العامل من الخدمة لأسباب غير جدية أو غير مشروعة. وان الظروف الطارئة والقوة القاهرة قد تجبر رب العمل في إنهاء عقود العمل للعاملين لديه ولكن في أحيان أخرى قد يستغل رب العمل هذه الظروف لإنهاء عقود العاملين لديه تعسفيا كأزمة جائحة انتشار فيروس كورونا المستجد - حيث قد يضطر صاحب العمل ترشيد انفاقه، مما يؤدي مباشرة الى قيام رب العمل بمحاولة تخفيض عدد العمالة لديه - وغالباً - ما يحدث ذلك تحت أسباب غير مشروعة، وهو ما يسمى بالفصل التعسفي من الخدمة. معيار الفصل التعسفي أولاً: إذا قصد من الإنهاء سوى الإضرار بالطرف الآخر: يعتبر طرف عقد العمل متعسفاً في استعمال حقه في إنهاء عقد العمل، إذا لم يقصد من الانهاء سوى الاضرار بالطرف الآخر، فيكون الاضرار بالطرف الآخر هو القصد الوحيد من استعمال مكنة الانهاء. ثانياً: إذا كانت المصلحة من الإنهاء غير جدية: يعتبر انهاء عقد العمل تعسفياً وفقاً لهذا المعيار إذا كانت المصلحة من الانهاء غير جدية، أي قليلة الاهمية لا تتناسب مع ما يصيب الطرف الآخر من ضرر بسببها، كإنهاء عقود عدد من العمال لمجرد زيادة الربح دون أن يكون هناك أزمة اقتصادية بالمنشأة، فلا يكفي حتى يكون انهاء عقد العمل إنهاء مشروعاً أن يحقق الانهاء مصلحة لصاحبه، بل لابد أن تكون المصلحة من الانهاء ترجح على ما يصيب الطرف الآخر من ضرر. ثالثاً: إذا كانت المصلحة من الإنهاء غير مشروعة: لا يكفي لاعتبار إنهاء عقد العمل غير تعسفي، أن يحقق الانهاء مصلحة لصاحبه ترجح على الضرر الذي يلحق بالطرف الآخر، بل يجب أن تكون هذه المصلحة مشروعة. إثبات التعسف في إنهاء عقد العمل الاثبات القضائي هو إقامة الدليل امام القضاء، بالطرق التي يحددها القانون، على صحة واقعة قانونية، يدعيها أحد طرفي الخصومة وينكرها الطرف الآخر فهو عملية يجب أن تتم أمام القضاء بإقامة الدليل على واقعة معينة ليكون القاضي عقيدته بشأن وجود هذه الواقعة من عدمه ومن ثم يهدف الاثبات القضائي إلى الفصل في المنازعات وحماية الحقوق. ولكن المشكلة تكمن إذا كان الذي يدعى أنه فصل تعسفياً هو العامل، فالأحكام التقليدية في تحديد الخصم المكلف بالإثبات، تفترض المساواة المادية والقانونية بين الخصوم في المنازعة، إلا ان الامر ليس كذلك في المنازعة العمالية، فالعلاقة بين العامل وصاحب العمل تتسم بعدم المساواة المادية والقانونية، وإلحاق عبء الاثبات بالعامل – باعتباره المدعي في أغلب الاحوال – يصبح غير ملائم فصاحب العمل هو الطرف الأقوى في علاقة العمل، فضلاً عن أنه يستطيع دائماً أن يتخذا اجراءات وقرارات قد تضر بالعامل دون أية رقابة قضائية مسبقة. التعويض النقدي نص المشرع في المادة 64 من قانون العمل على أنه: "وإذا تبين للمحكمة أن فصل العامل كان تعسفياً أو مخالفاً لأحكام هذا القانون قضت إما بإلغاء جزاء الفصل وإعادة العامل إلى العمل واستحقاقه الأجر عن الفترة التي حرم فيها من العمل تنفيذاً لهذا الجزاء، أو تعويض العامل تعويضاً مناسباً ويدخل في تقدير التعويض الأجر والمزايا الأخرى التي حرم منها العامل نتيجة هذا الفصل". وبالتالي فقد رتب المشرع القطري جزاء على الفصل التعسفي وهو تعويض العامل، ويتحمل بالتعويض العاقد المتعسف، في الإنهاء إلى العاقد الآخر، الذي كان ضحيته ولم يحدد المشرع القطري ضوابط هذا التعويض بل ترك للقاضي سلطة تقديره. وزارة العدل - خبير قانوني [email protected]