28 أكتوبر 2025

تسجيل

"معلول" النبيل حسن عبد الله المحمدي

23 نوفمبر 2012

قدّم "الترجي" التونسي وشقيقه "الأهلي" المصري مباراتين جميلتين، ذهابا وإيابا، في نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم "الشامبيونزليغ الإفريقي"، كانت الغلبة فيهما لصالح نادي القرن في أفريقا، وصاحب الشعبية الأكبر، ليس في المحروسة مصر فقط، إنما في العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، النادي الأهلي العريق. بهذا الانتصار الذي تحقق على فريق عريق هو حامل اللقب ويلعب للمرة الثالثة على التوالي في نهائي البطولة، عزّز "الأهلي" رقمه القياسي في التتويج بلقب هذه البطولة للمرة السابعة، وليشارك للمرة الرابعة في بطولة العالم للأندية أبطال القارات، محققا رقما قياسيا آخر له في كونه أكثر الأندية في العالم مشاركة فيها، متفوقا حتى على برشلونة، الفريق الأفضل في العالم على مر العصور، والذي سبق له أن شارك في ثلاث نسخ ماضية من هذه البطولة. بعيدا عن حسابات الفوز والخسارة، فإن هذا النهائي تميز بروح رياضية عالية بين جميع أطراف اللعبة من إعلام وجماهير ولاعبين وحتى رجال السياسة. ويبدو أن ذلك ثمار الثورة الشعبية التي حدثت في البلدين وخلعت النظامين القائمين فيهما، بدءا من ثورة الياسمين في تونس، محركة الثورات العربية، التي أسقطت نظام بن علي، وتلتها فورا ثورة 25 يناير التي خلعت حسني مبارك ونظامه عن السلطة. في مباراة الذهاب التي أقيمت على استاد برج العرب بالإسكندرية وانتهت بتعادل الفريقين إيجابيا بهدف لهدف، لم ينس لا عبو "الترجي" الشهداء من جماهير الأهلي الذين راحوا ضحية الغدر في مجزرة بو رسعيد ورفعوا لافتة كتب عليها "الترجي الرياضي التونسي لا ولن ننسى شهداء الأهلي". وردت جماهير الأهلي التحية في ملعب رداس في تونس الذي احتضن لقاء الإياب بعدها بأسبوعين حين رفعوا لافتة تحتوي على عبارة أنا مصري وأحب تونس وفي انتظار زيارتكم. كثيرة هي اللقاءات التي جمعت المنتخبات والفرق التونسية بشقيقتها المصرية في عهد النظامين السابقين، وكثيرا ما حفلت تلك المباريات بالشد العصبي، لكن المشهد في نهائي الشامبيونزليغ الأفريقي بات مختلفا وسادته منتهى الروح الرياضية. وفي هذا الصدد لا يمكن أن نغفل الروح الرياضية الكبيرة التي اتسم بها مدرب فريق "الترجي" الكابتن نبيل معلول، الذي كان أول من هنأ "الأهلي" باللقب وتمنى لهم التوفيق في بطولة العالم وأكد أنهم استحقوا البطولة عن جدارة واستحقاق. وكان هذا المدرب حرص في مباراة الذهاب هو ولاعبوه على التوجه إلى مدرجات الدرجة الثالثة في ملعب "برج العرب" التي وضع فيها الأهلي صور عدد من الشهداء ولافتات التأبين وقام بقراءة الفاتحة ووضع اكليل الزهور لشهداء مجزرة بورسعيد. والحقيقة أن "معلول" الذي يتصف بصفات النبلاء عبّر في أكثر من موقف عن سمو أخلاقه، وحسن أدبه، واحترافيته في التعامل مع الجميع، ونبذ التعصب والتوازن في التصريحات سواء كان فائزا أو خاسرا. فهو لم يتردد بعد أن فقد لقب البطولة على أرضه وبين جماهيره في إجراء المقابلات التلفزيونية ليعتذر عن الخسارة وليهنئ منافسه الذي قال عنه "إنه فريق عربي وشقيق". نتيجة المباراة النهائية في "الشامبيونزليغ الأفريقي" انتهت لصالح الأهلي، ولكن فوز الأهلي هو فوز للترجي، وفاز أبناء الثورتين المصرية والتونسية معا ولم يخسرا في ظل ما ساد هذه المباراة من أجواء أخوية وروح رياضية كبيرة.