13 سبتمبر 2025
تسجيلفي الجلسة السابقة لمجلس الشورى القطري، تم تداول سبعة مشروعات قوانين تتعلق بتطوير آليات التقاضي وتمت إحالتها إلى لجنة الشؤون القانونية والتشريعية في المجلس. مشروعات القوانين هذه جاءت لتعديل أحكام بعض القوانين الحالية كقانون السلطة القضائية، وقانون المرافعات المدنية والتجارية، وقانون حالات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية، وقانون تحديد دية المتوفى عن القتل الخطأ وقانون الإجراءات الجنائية وقانون النيابة العامة، علاوة على مشروع قانون جديد بشأن مراكز التوفيق والمصالحة في المنازعات المدنية والتجارية. هذه الحزمة من التشريعات جاءت نتيجة ما أكد عليه سمو الأمير في افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى السادس والأربعين من ضرورة العمل على تطوير أنظمة العدالة بما يكفل ترسيخ استقلال القضاء وعدم إطالة أمد التقاضي. لجنة الشؤون القانونية والتشريعية في مجلس الشورى التي أحيلت إليها هذه التشريعات المهمة، استطاعت إنهاء دراسة سبع تشريعات في جلستين اثنتين فقط، الأولى في 11 ديسمبر والثانية 21 ديسمبر حيث استكملت دراستها كما نقلت الصحف المحلية. لكننا لا نعلم عن ماهية هذه المشروعات ولا حجم التعديلات التي أتت بها وهل فعلًا تحقق التطوير المنشود الذي يتمناه سمو الأمير لهذا الجهاز الهام، وقد طالب بعض الزملاء تزويدهم بهذه المشروعات لكن تم الاعتذار لهم. الحديث عن صعوبة الحصول على المعلومة يعيدني بالذاكرة إلى العام الماضي حين طلبْت الكتاب السنوي الذي يطبع وتجمع فيه محاضر اجتماعات مجلس الشورى سنويًا، غير أن طلبي لم يحقق أي نتيجة إيجابية رغم زياراتي المتكررة إلى المجلس لمتابعة الطلب، مما دفعني في نهاية المطاف إلى الذهاب إلى دار الكتب القطرية لأتفاجئ ثانيةً بأن آخر عدد للكتاب السنوي لمحاضر اجتماعات مجلس الشورى كان في عام 1999 أي توقف تزويد دار الكتب بهذا الكتاب المطبوع للمحاضر منذ 18 سنة، كما لم تفلح زيارتي لمكتبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء من الحصول على مرادي لعدم اقتنائهم أعداد هذا الكتاب. الكثير من برلمانات دول العالم اليوم اعتمدت التشريع الإلكتروني، إذ تدار وتنظم جميع إجراءات التشريع وسن القانون إلكترونيًا ابتداء من مسودة الاقتراح إلى نشر القانون في الجريدة الرسمية، فجميع وثائق التشريع علاوة على المناقشات والمداولات والاقتراحات والمحاضر وجداول الأعمال تكون في متناول يد الجميع إلكترونيًا. كما يمكن للمهتمين أن يتابعوا سير مشروع القانون عبر محطاته المختلفة. وفي المسار ذاته، يدلي الاتحاد البرلماني الدولي وهو منظمة دولية أنشئت عام 1889 ومقرها جنيف اهتمامًا كبيرًا بموضوع تكنولوجيا المعلومات والاتصال في برلمانات العالم مما ينعكس على تطوير أدائها من خلال استخدام التقنية في إدارة الوثائق بشكل أفضل وفي الإعداد الفعال لسن التشريعات ونشر تقارير اللجان والتفاعل مع المواطنين والتقارب منهم ونشر المعلومات والوثائق وفيديوهات الجلسات السابقة والنقل الحي المباشر للجلسات الآنية في الموقع الإلكتروني، بل تمتلك بعضها قنوات خاصة بها. وفي تقرير الاتحاد البرلماني الدولي لعام 2016 بشأن البرلمان الإلكتروني في العالم يظهر بوضوح اعتناء برلمانات الدول بشأن التكنولوجيا رغم أن العائق الأول الذي يواجه الكثير منها هو نقص الموارد المالية، وهو مشكلة 58% من البرلمانات محل الدراسة البالغ عددها 114 برلمانًا ومجلسًا تشريعيًا. أما بشأن توفير المعلومة إلكترونيًا فقد بين التقرير تطور نسبة نشر المعلومات للمواطنين في البرلمانات محل الدراسة من 19% في عام 2012 إلى 55% في عام 2016، وارتفاع نسبة التفاعل مع المواطنين من 23% في عام 2012 إلى 48% في عام 2016. مجلس الشورى القطري هو أحد أعضاء الاتحاد البرلماني الدولي البالغ عددهم 173 دولة كما يظهر في موقع الاتحاد، وبمراجعة سريعة لمواقع البرلمانات والمجالس التشريعية يكاد يكون مجلس الشورى القطري الوحيد الذي لا يمتلك موقعًا إلكترونيًا. وعودة إلى مشروعات القوانين المتعلقة بتطوير التقاضي وهي مشروعات ذات أهمية بالغة، فإنني كنت أرجو أن يتم نشرها على موقع إلكتروني يخصص لمجلس الشورى، به خاصية استقبال الملاحظات يمكن للمعنيين كالمحامين والقضاة وأعضاء النيابة العامة وأساتذة القانون والقانونيين وغيرهم، إرسال ملاحظاتهم خلال فترة معينة، فيستفيد أعضاء المجلس واللجان المعنية منها، فقد تسد ثغرة أو تجنبهم تناقضًا بين موادها أو تمنع انحرافًا تشريعيًا. وأخيرًا أتمنى أن يكون مجلس الشورى إلكترونيًا في أقرب وقت وأن ينافس مجالس وبرلمانات دول العالم في استخدام التكنولوجيا وإتاحة المعلومة والتفاعل مع المواطنين، كما أتمنى غياب ثقافة منع المعلومات واعتبارها أسرارًا، ففي مجال سن التشريعات والقوانين لا مجال للسرية، و الله من وراء القصد.