17 سبتمبر 2025

تسجيل

العربي والريان: مباراةٌ بدأتْ قبلَ انطلاقِ الصَّافرة

23 أكتوبر 2015

سنشهدُ يومَ غدٍ مباراةً كبيرةً تجمعُ قامَتَينِ رياضيَّتَينِ لهما امتدادٌ راسخٌ في وجدانِـنا الوطنيِّ، وحُضورٌ طاغٍ في صفوفِ جماهيرِ كرةِ القدمِ، هما العربي والريان. فالناديانِ الكبيرانِ بجماهيرِهِما وتاريخِهما بَعَثَا الروحَ في ملاعبِنا منذُ انطلاقةِ الدوري عندما حَطَّـما أسوارَ الجمودِ والتراجعِ والغيابِ عن البطولاتِ فَقَـدَّمَ فَريقاهما لجَمْهورَيْهِما ما أثلجَ الصدورَ، أداءً فنياً وروحاً قتالياً وتصميماً على استمرارِ الأَلَـقِ والتألُّـقِ، فاندفعَ الجمهورانِ إلى الـملاعبِ كالسيلِ الهادرِ باعِـثَيْنِ فيها الحياةَ بعد سنواتٍ من غيابِها عنها. ويكفي دليلٌ على الحجمِ الضَّخمِ لهما ولجُمهورَيْهِـما أنَّ الـمباراةَ بدأتْ قبلَ انطلاقِ صافرةِ البدايةِ بأيامٍ حين تحوَّلَتْ مواقعُ التواصُلِ الاجتماعيِّ إلى مربعاتٍ خضراءَ يقومُ فيها مُشَجِّعوهُما وعشاقُهُما بالحملاتِ التي تحثُّ الجماهيرَ على الحضورِ، وبالتحليلاتِ للجوانبِ الفنيةِ في أداءِ فريقيهِما، وبمقاطعَ مُصَوَّرَةٍ بإبداعٍ و وعيٍ لدَعْمِ اللاعبينَ نفسياً. وهذا الاستخدامُ الرائعُ للشبكةِ العنكبوتيةِ يدلُّ على ثقافةٍ اجتماعيةٍ واسعةٍ، وعلى الشَّوطِ البعيدِ الذي قطعوهُ في تفاعُلِـهِم مع الأحداثِ جميعِها باستخدامِ أكثرَ تقنياتِ التواصُلِ تطوُّراً.الحديثُ عن الناديَيْنِ ذو شُجُونٍ لأنَّـهُ يناقشُ جزءاً من وعينا الرياضيِّ الـمُرتَبطِ بهما وببعضِ الأنديةِ الجماهيريةِ الأخرى. فقد كان حضورُهُما، طوال سنواتٍ، حضوراً كالغِـيابِ لا يليقُ بضخامةِ حضورِهِما في النفوسِ، مما أقفرَ الـملاعبَ التي صارتْ، كالجماهيرِ، تعيشُ على ذكرياتِ الأمجادِ الغابرةِ. وكان كثيرونَ يتوقعونَ للناديَيْنِ الظهورَ بنفسِ الـمستوياتِ الفنيةِ الهزيلةِ، لكنَّ الأحلامَ تَجَسَّدَتْ واقعاً في القلعةِ العرباويةِ، وانتفضَ الأسدُ الريانيُّ هادراً بزئيرِ صَحْوَتِـهِ، وإذْ بالـملاعبِ ترتعشُ فرحاً وهي تحتضنُ الأمواجُ الجماهيريةُ، العرباويةُ والريانيةُ، التي تلاطمَتْ فيها مُرْجِـعَـةً إلى دورينا تَوَهُّجاً وأَلَقاً افتقدناهما حتى كادَ القُنُوطُ يُخَـيِّمُ على نفوسِنا.نحتاجُ لوَقْـفَـةٍ ندرسُ فيها الحالةَ الـمُتَقَدِّمَةَ، فنياً وجماهيرياً، للناديَيْنِ. فهذه الحالةُ جديرةٌ بأنْ تُقْرأَ بتأنٍ لأنَّها تُبَيِّـنُ لنا الكيفيةَ التي يتمُّ بواسطتِها الخلاصُ من العواملِ الـمُعَطِّـلَةِ للتَّقَـدُّمِ في إدارةِ الأنديةِ الكبيرةِ، وهو أمرٌ يمكنُ استثمارُهُ في وَضْعِ رؤًى يُسْـتَرْشَـدُ بها مستقبلاً، وتنعكسُ إيجاباً على الحركةِ الرياضيةِ، بعامةٍ، وعلى كرتِنا، بخاصةٍ.نحنُ واثقونَ منْ حضورٍ جماهيريٍّ يعكسُ تواجدَ الناديَيْنِ في شارعِنا الرياضيِّ، ومُتأكِّدونَ من أنَّ الفريقَيْنِ سيُقَدِّمانِ أداءً مُبْهراً يبعثُ الرضا في قلوبِ مُشَـجِّعِيهما، ولا نشكُّ للحظةٍ بأنَّ الأحلامَ العرباويةَ والأسدَ الريانيَّ سيرسمانِ لوحاتٍ فنيةً وأخلاقيةً رياضيةً تكونُ موضعَ فَخْـرِ بلادِنا ورياضييها. ونؤكِّدُ أنَّ نتيجةَ الـمباراةِ مُهمةٌ لكنَّها ليستْ في أهميةِ لقاءٍ كبيرٍ بين الناديَيْنِ تَمَّ التَّمهيدُ له بالفوزِ والـمستويات الفنيةِ الرفيعةِ في معظمِ مباراياتِهِما السابقةِ، مما يجعلُـهُ فيصلاً في تأكيدِ أنَّ ما قَدَّماه حتى الآنَ ليس مجردَ انتباهةٍ طارئةٍ وإنَّما هو صَحوةٌ دائمةٌ.كلمةٌ أخيرةٌ:طالَ الغيابُ لكنَ العَوْدَ أحْمَـدُ، فهنيئاً لـملاعبِنا وجماهيرِ كرتِـنا بعودةِ العربي والريانِ ليَخُطَّا ملامحَ الـمجدِ الكرويِّ من جديد.