14 سبتمبر 2025

تسجيل

هذا عيد الأضحى وليس هالوين

23 أكتوبر 2012

بكلمات يغلب عليها الحزن والأسى بلغتني رسالة التهمت قوامها (الشكوى)، حتى بدت هزيلة؛ بسبب المهزلة التي عانى منها مُرسل الرسالة، الذي دفعه حبه لدينه ومجتمعه نحو لفت انتباه الأقلام الواعية والجادة إلى موضوع يتجاهله البعض؛ تهرباً من ذاك الصداع الذي ستجلبه إثارة مثل هذه الموضوعات، ولا يدركه البعض الآخر؛ لانشغاله بأمور أخرى يحسب بأنها أكثر أهمية، في حين أن التفرغ وفي أبسط حالاته كان ليجعله يدرك حقيقة ما يحدث، وهو ما قد بلغني تحت عنوان (عيد أضحى أم عيد هالوين؟) ليجر من بعده كلمات حامية جداً؛ بسبب تجاهل بعض المدارس لبركة هذه الأيام الفضيلة التي تتمتع بمكانة عالية في قلب كل مسلم، وهي تلك التي ستكون كذلك بالنسبة لأبنائنا متى غُرس فيهم حُبهم لدينهم الإسلامي الحنيف وبشكل سليم منذ البداية، ولكن كيف سيكون لنا ذلك وبيننا من يحرص على بث ثقافات جديدة، والترويج لها بشكل بهيج، دون أن يلتفت لثقافة ديننا، ويتمعنها جيداً؛ ليدرك روعتها التي تظل متوقدة بقيم عظيمة كل الوقت، دون أن تستند على ظهر مناسبة واحدة فقط؛ كي تعبر عنها؟ إن ما يغيب عن البعض للأسف أن لهذه الأيام فضلها الذي تجدر بنا الإشارة إليه في كل وقت وحين، وهي عملية جماعية لا تعتمد على طرف دون آخر، فما يبدأ من البيت ينمو من خلال المدرسة، والعكس وارد وصحيح طالما أنه ينصب في قالب يخدم الصالح العام، وهو الأهم في هذه المرحلة. إن ما تقدمت به هذه الرسالة من وقائع يستند على حقيقة التجاهل الذي يقع من بعض المدارس (التي تعتبر المصنع الثاني الذي سيمد المجتمع بجيل المستقبل، الذي سيتولى زمام الأمور من بعدنا)، هو أمر لا يمكن أن يُقبل بتاتاً؛ لأنه لا يراعي مشاعر هؤلاء الطلبة من المسلمين وإن كانوا (قلة)، فكيف وإن كانوا هنا في قطر، وجهة الخير، ومنبع الفخر بدين العزة، وكل ما يبرر للطالب ضرورة رفع رأسه فخراً وفرحاً بدينه وبعيده (عيد الأضحى) الذي يُعد أحد أهم معالم البهجة في ديننا، وهو ما يجدر بنا أن نتفاخر به ونثير معالم البهجة بقدومه؛ ليدرك الجميع ماهيته، لا أن نتجاهله ونجرح مشاعر فلذات أكبادنا ونخرق الأكباد بقرارات لا أعتقد أنها بريئة (براءة الذئب من دم يوسف)، وجاءت دون تخطيط مسبق؛ ليبدو الأمر وكأنه قد وقع صدفة جاءت رغم أنف من يحشر أنفه في كل شيء؛ لغايات وأسباب (خاصة) انتهت بنهاية واحدة وهي أن يوم العودة إلى المدارس من بعد اجازة العيد سيكون أول أيام الامتحانات، ناهيك عن التجاوزات التي تطرق إليها كاتب الرسالة، الذي لم يقبل أن تكبله مثل تلك القرارات دون أن يقدم على شيء ما.. وذلك لأنه يدرك تماماً خطرهاالذي لا يدركه غيره للأسف. إن الحديث لا يقف عند حد الشكوى من أن بعض المدارس تتجاهل قرب عيد الأضحى وضرورة تهنئة الطلاب به، وتزيين المدرسة بمظاهر الاحتفال؛ للاحتفال به معهم، ولكنه يأخذنا للبحث عن الأسباب التي تجعلها تدعوهم؛ للاحتفال بـ (هالوين) من خلال حفل تحضر له وبقوة، وتحرص على أن تعبر من خلالها عن فرحتها بهذه المناسبة مع طلاب (المدرسة)، التي لاتزال حتى هذه اللحظة تحمل بين صفوفها غيرهم من المسلمين الذين لم يجدوا من يراعي مشاعرهم باتخاذ مثل هذه الخطوة التي لم تجرحهم فحسب بل صفعت أعراف مجتمعنا وألقت بها جانباً دون أن تلتف لوخزات الواجب والمقبول وجملة ما يجوز وما لا يجوز. إن الحديث في هذا الشأن وبكل صدق لن ينتهي بسهولة، فهو أكبر من أن تحتمله هذه المساحة التي تجود بها هذه الساحة الخاصة والخالصة لكل ما يساهم بنشر رسالة الإصلاح والتغيير للأفضل، ووقوفنا لا يعني أننا قد فرغنا وتفرغنا للنظر بشؤون أخرى، ولكنه ما سيكون منا؛ للالتزام بالمتاح، على أمل أن نتعمق أكثر بنفس الموضوع ومن زوايا أخرى في المرات القادمة، ويكفي أن نخرج بهذه الكلمات الأخيرة: هذه الأيام تجد بيننا كمسلمين مكانة عظيمة لا يجدر أن نستهتر بها أبداً، مما يعني أنه من الأجدر أن نغرس قيمتها وفضلها في قلوب أبنائنا بدلاً من السماح لغيرنا بأن يعبث بهم من خلال فرض ثقافات ومعتقدات ستبدأ كيوم ترفيهي وتنتهي كعادات سيُسلم لها وبها، وستغدو (لا قدر الله ذلك) من الأساسيات التي سيعتمدها الجيل القادم، الذي سيفقد الكثير من ملامح دينه؛ لنقع في مأزق متى قررنا الخروج منه بالبحث عن الأسباب التي وصلت بنا إلى هناك، فلن نخرج إلا بحقيقة واحدة وهي (أننا من سمحنا بذلك)، وهو ما يمكن أن نمنع حدوثه متى صرخنا ونفخنا وقلنا (لا) ونحن نعني الكلمة بكل ما تعنيه. وأخيراً.. إلى صاحب الرسالة: هذه الغيرة المحمودة هي ما ستحمينا كمسلمين إن وُجهت في الاتجاه الصحيح، والدوام عليها سيقوي من شوكتنا، وهو كل ما يدفعنا نحو تقديم خالص الشكر لك، على أمل أن تنجب الدنيا الكثير من أمثالك، وكل عام وأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهي خير أمة.