10 سبتمبر 2025

تسجيل

الاحتشام

23 سبتمبر 2023

في الثقافة العربية، يُعرف الاحتشام بأنه السلوك الذي يمتاز بالحياء والتقدير للقيم الأخلاقية، وهو يشمل التحلي بالاحترام والود وعدم تجاوز حدود اللياقة في التعامل مع الآخرين. يُعتبر الاحتشام جزءًا مهمًا من الهوية العربية والدينية ويعكس القيم الأسرية والاجتماعية في المجتمع، ولذلك نجد أن الدستور القطري يؤكد على مفهوم الاحتشام كقيمة حضارية مهمة، حيث يهدف الدستور القطري إلى حماية الاحتشام وتعزيزه في المجتمع القطري، ويركز على تعزيز القيم الاجتماعية والثقافية التي تتفق مع تقاليد البلاد وعاداتها. ويعتبر الدستور القطري وثيقة دستورية تحظى بالاحترام والتقدير، ويعتبر الاحتشام واحدًا من القيم الأساسية التي تدعمها. يُنظر إلى الاحتشام كعنصر أساسي في الحياة الاجتماعية والثقافية في قطر، ويركز الدستور على حماية هذه القيمة الحضارية وتوطيدها في المجتمع. كما أن الدستور القطري يمنح اهتمامًا كبيرًا للقيم الاجتماعية والثقافية في البلاد، يسعى الدستور إلى تعزيز الاحتشام وتعزيز القيم الأصيلة للمجتمع القطري، مثل الأخوة والتعاون والمحبة والاحترام، وتعزز هذه القيم من خلال التعليم والثقافة والتربية والعديد من الجهود الأخرى التي تدعم القيم الاجتماعية والثقافية في قطر، كما انه يتضمن كذلك حق الفرد في الحفاظ على الاحتشام الشخصي. هذا الحق يعني أن الأفراد لديهم الحرية في ارتداء الملابس المناسبة والتصرف بطرق تعكس القيم الأخلاقية والثقافية للمجتمع القطري. فوفقًا للدستور، يجب أن تحترم السلطات العامة هذا الحق وتوفر البيئة الملائمة للفرد لممارسة حياته بحرية وكرامة. بالإضافة إلى حق الفرد في الاحتشام الشخصي، يتعين على الأفراد أيضًا الالتزام بواجبهم في احترام الاحتشام العام، يعني ذلك أن يمارس الفرد حريته الشخصية والتعبيرية بطرق لا تتعارض مع القيم والأعراف الاجتماعية والثقافية للمجتمع القطري، يجب أن يكون الفرد مسؤولاً عن أفعاله وكلماته وضمان عدم التعرض للآخرين بطرق تجاوز مبادئ الاحتشام العام. في الوقت الحاضر، تواجه الدول العربية تحديات حديثة فيما يتعلق بالاحتشام وحماية القيم والتقاليد التي تحكم المجتمع. ومن بين هذه الدول، تأتي قطر مع دستورها الذي يحمل قيم الاحتشام والتقاليد الثقافية، فمع تطور التكنولوجيا والوصول الواسع لوسائل الاتصال الحديثة، أصبح من الأسهل للأفراد التفاعل مع المحتوى الذي قد يكون غير ملائم أو يتعارض مع القيم والتقاليد الاجتماعية، تعد وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت أدوات قوية للتعبير عن الأفكار والتواصل مع العالم بأسره، وهذا يشكل تحديًا للحفاظ على الاحتشام والقيم التقليدية. ولكي تستطيع دولة قطر التغلب على التحديات الحديثة والحفاظ على الاحتشام، يجب على الدولة والمجتمعات تبني استراتيجيات فعالة. قد تشمل هذه الاستراتيجيات التوعية المستمرة بأهمية الاحتشام والقيم التقليدية، وتشجيع استخدام وسائل الاتصال الحديثة بطرق تحافظ على الاحترام والحشمة، يمكن أيضًا الاستفادة من التكنولوجيا في تعزيز القيم والثقافة ونشر المعرفة الإيجابية. فهناك من تردعه أخلاقه وقيمه، وهناك من يردع بالدين وهناك من يردع بالقانون، فقد ورد عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قوله (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، ومن هنا أكد الدستور القطري في مادته رقم ٥٧ ما نصه «احترام الدستور، والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة، والالتزام بالنظام العام والآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة، واجب على جميع من يسكن دولة قطر، أو يحل بإقليمها»، فهو يجعل من الاحتشام نصا دستوريا كما له نص ديني في قوله تعالى (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) سورة الاحزاب ٥٩، ولكي يجعل من الاحتشام واحترام الآداب العامة منهجا قانونيا ودينيا ومجتمعيا. وبذلك يمكننا الجمع بين قيم المجتمع والدين والقانون بحيث ينطبق هذا القانون على جميع سكان دولة قطر، وهنا نجد أن بعض الزوار او المقيمين الذين يخالفون بلباسهم مفهوم الاحتشام والآداب والقيم المجتمعية يجب أن يتم تنبيههم ورفع وعيهم لما يقترفونه من مخالفة دستورية وقانونية، كما يجب سن القوانين التي تردع المصرين على مخالفة نص هذه القوانين، تطبيقا لمبدأ «من لا يردعه دينه، يردعه القانون» وذلك لوقف الممارسات التي تزعج وتستفز أفراد المجتمع القطري من القطريين وغيرهم، فالاحتشام مبدأ مجتمعي وديني في ذات الوقت، ووجود قانون واضح وصريح مطبق سوف يعزز ويحمي ديننا وعاداتنا وتقاليدنا المعروفة بالاحتشام ويشدد في تطبيقها على النساء المتبرجات والرجال، وبناء على ذلك فإن الاحتشام فريضة ولذا يشترط في الزي المحتشم الواسع الساتر للنساء والرجال بشروط يجب أن يلتزموا فيها، وأيضا الاحتشام ليس فقط ثقافة بل منهج ديني يطبق في الدولة بحذافيرها.