19 سبتمبر 2025

تسجيل

أنا ومبادئ اللعبة المسرحية

23 سبتمبر 2014

منذ أن كنت طفلة وأنا أشعر بأن حياتنا كمسرح يجمعنا فيه كممثلين تارة وكمتفرجين تارة أخرى، فنكون كممثلين نعتلي الخشبة حين نعيش موقفاً نتورط فيه بكل ما فينا؛ لنصبح ونُمسي معه كالحدث الأهم الذي يواجه صراعاً عنيفاً ينتهي كما يريد أن ينتهي، ولكنه يحرص دوماً على أن نأخذ فيه دور البطولة؛ لنحصد أعلى درجات الفرجة التي نضبطها نحن، ويصدقها كل من يقف أمامنا ويعاصر الحدث وما يحتويه من موقف من خلالنا، في حين أننا نتنازل عن أدوارنا وننزل عن الخشبة؛ لنتحول إلى متفرجين حين يلتف الموقف ويُدير لنا وجهه؛ كي يتوجه إلى سوانا ممن يستقر على صفحة حياتهم، فيبدأ الصراع، الذي يُجبرنا على متابعته ومتابعتهم؛ لندرك معهم معالجة جديدة لقضية جديدة لربما أدركناها من قبل ولربما لم نفعل، وهو ما لا يهم؛ لأننا وإن لم نفعل حينها، فلا شك أنه ما سيكون من نصيبنا في مرحلة لاحقة من الحياة، لا بد أن نواجهها ونحن أكثر قدرة على المواجهة بحكم الخبرات التي كسبناها في مراحل سابقة. حقيقة إن تصوير الحياة بهذا الشكل وأنا لازلت في بداية حياتي قد خلق في داخلي رغبة عارمة أجبرتني على ضرورة التعرف إلى المسرح وعن قرب، وهو ما كان لي في الفترة الأخيرة، وتحديداً حين وجدت الصدفة وقد أخذتني على ظهرها نحو عالم المسرح في رحلة جميلة بدأت وبشكل رسمي منذ 3 أعوام تعرفت فيها على الكثير عن هذا العالم، الذي وصلت فيه مؤخراً إلى ورشة أضافت لي الكثير، وهي ورشة (الكتابة المسرحية) القائمة تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، والمُنظمة على يد المركز الشبابي للفنون المسرحية، ويُشرف عليها وعن كثب رئيس مجلس إدارة المركز الفنان محمد سعد البلم، الذي تعهد، بل وتكفل بقيادة المسرح الشبابي نحو القمة، فكان له ذلك من خلال وضع أفضل الخطط التي تضمن له تحقيق هدف الوصول بالشباب إلى هناك، حيث التفوق والتألق وكل ما يُشرف النفس؛ لتتفاخر به ضمن جملة من الإنجازات، كان آخرها توفير بيئة حاضنة لكل المواهب التي تطمح بأن ترقى بمستوى الكتابة المسرحية في قطر الحبيبة، على اعتبار أنها الوسيلة التي ستنقل تفاصيل حياتنا الداخلية للخارج، فيكون بذلك الكاتب المسرحي سفيراً لوطنه خارج الوطن، يستطيع تولي هذه المهمة متى تأكد من تمتعه بالموهبة الحقيقية، والقدرة الكافية، وكل ما يمنحه حق خوض هذه التجربة العظيمة في نقل إرث تراثه إلى العالم الخارجي، الذي صار يعيش وسط فضول يكتنفه الكثير من الشغف؛ لمعرفة طبيعة الحياة التي نعيشها، خاصة مع التقدم الذي أحرزناه على جميع الأصعدة حتى غدت قطر (قِبلة الإبداع)، التي تلتف من أجلها الأعناق متى رغبت بأن تبدع أو أن تدرك ماهية الإبداع الحقيقي. لقد قُدر لي والحمدلله حق حضور هذه الورشة والمشاركة فيها وبشكل رسمي، وبصراحة فإن ما قد أقدمت عليه هو ما كنت أترقب حدوثه منذ زمن بعيد تمكنت هذه الورشة من تجاوزه حتى بلغتنا رغماً عن أنف الظروف، ولأنها فعلت فلقد قررت المشاركة فيها بعد أن أجبرتها (ظروف عملي، وسيل التزاماتي) التي تزاحمت؛ كي تشغلني بها، غير أنها فشلت في ذلك؛ لأني وبفضلٍ من الله قد تمكنت وفي نهاية المطاف من تخصيص بعضاً من وقتي في سبيل المشاركة وإدراك ما قد فاتني من المسرح وعنه، خاصة بعد أن أدركت حقيقة ميل قلمي نحو الكتابة المسرحية، التي وجدت فيها روحي، فتأكدت بأن هذه الكتابة هي وسيلتي القادمة التي سيستند إليها قلمي؛ في سبيل تحقيق هدفي في هذه الحياة، والهدف الذي أتحدث عنه هو إصلاح وتغيير المجتمع، الذي يحتاج لوسيلة تنقل رسالته، كالمسرح القادر على ذلك فعلاً، خاصة وأنه يتمتع بقدرة عالية على جذب وكسب الجمهور من مختلف الشرائح العمرية، والفئات الإنسانية، التي قد تختلف في الكثير، ولكنها تتفق على أن المجتمع بحاجة إلى تغيير وإصلاح يمكن بأن يُبث عن طريق المسرح، الذي يستطيع تقديم ثمار الدراسات العلمية ضمن عمل فني يحمل فائدته بين طيات ثوبه الفضفاض؛ كي يُقدمها بصيغة درامية قريبة من الواقع، توفر للمتفرج فُرجة طيبة، تمنحه قيمة عالية، تُثري فكره، وترفع من سقف ثقافته الحياتية، وهو كل ما يمكن بأن أحلم بتقديمه لجمهوري؛ لأنه ما سيريخ في ذهنه، بفضل وضع الفائدة في صندوق يجمع المتعة السمعية والبصرية أيضاً، أي معظم عناصر التثبيت التي يحتاجها المتلقي؛ كي يخرج بما نريده له من خير. وماذا بعد؟ تسير الورشة وفق خطة مُحكمة تقوم على ظهر ضرورة خروج كل مُشارك فيها بمبادئ الكتابة المسرحية، التي سيوظفها بحسب ما يتطلب عمله، فلقد جمعت الورشة بين صفوفها المخرج، الممثل، عُشاق المسرح، وصالحة أحمد التي تحمل بذوراً درامية ترغب بغرسها في المكان الصحيح في سبيل تحقيق الهدف المُراد الذي ذكرته سلفاً، وهو كل ما نتلقاه على يد الأستاذ مصطفى أحمد، الذي كرس لنا وقته؛ كي يصب كامل خبراته في قالب سيخدمنا وسيحقق أهداف هذه الورشة الرائعة وبأعلى المقاييس. وأخيراً فإنه ومن الرائع أن نحب ما نفعله، ولكن ما هو أروع منه أن نفعل ما نحب، خاصة متى وجدنا المسار الذي سيقلص المسافات، ويأخذنا إلى ما نريد تحقيقه في حياتنا وبشكل سلس سيظل كذلك حتى إن واجهنا المصاعب التي ومن الممكن بأن تُهدد راحة بالنا، غير أنها لن تفعل؛ بسبب انكماشها خجلاً أمام تمسكنا بما نريد وإصرارنا على فعله كما نريد، وعليه لا يجدر بك التنحي جانباً وترك ما تحب، ولكن يجدر بك الخروج في أثره وعدم العودة خالي الوفاض.