11 سبتمبر 2025
تسجيلمن أجّل الإدراكات التي تُعين المرء على رفع جودة حياته، والتعامل معها بواقعيّة حقّة، أن يفطن أن الحياة الطيّبة لا تعني نقاءها من المنغصات، وسلامتها من الكدر، وبراءتها من التحولاّت والمنعطفات التي قد لا تسرّك في كل حين، ولا تدل كذلك أنها ستسير لصالحك أبداً،ذلك لأن الحياة في ذاتها متقلبة الأحوال، وأصل العيش فيها هو الانغماس في تجاربها، وعيش تفاصيلها، والتعامل مع تحدياتها، فلا تجعل فرحها يغّرك، ولا تترك مصابها يقهرك! الحياة الطّيبة هي رديفة الانغماس في اللحظة، والسماح للأمل بالإشراق، وحُسن إدارة الشعور مهما بلغت حدّته، والاتزان في طلب مايمكنها أن تمنحها لك، دون طول أمل أو يأس مقيت! الحياة الطيّبة هي في فن صنع الذكريات بعيش الحاضر بأفضل طريقة ممكنة، والعمل الصالح مهما دق، والإحسان قدر الاستطاعة، والتلذذ بالمتاح، والعمل وفق الممكن، والشكر على الموجود، وقصر العين للمفقود. وليس المعنى من ذلك انعدام الطموح، أو قصر النظر على الموجود، ولكن المقصد أن لا يعيش المرء حياته بكدر ينغص حياته من دوام تسخطه، واستمرار جوعه للمزيد، دون شكر أو حمد، والمعنى أن يسعى المرء في حياته لطلب الفضل والفيض من باب الزيادة والتوسع، لا من باب التسخط والطمع. الحياة الطيبة ليست سحراً، بل نتيجة أعمالك الصالحة في سعيك بتهذيب نفسك، والارتقاء بذائقتك، وزيادة بصيرتك، وتقدير المتوفر، والعمل شكراً، والصبر احتساباً، والفرح حمداً. ولولا ذلك كله لما كان للحياة طيبها، فما زكاوتها وجمالها إلا اختيار متاح لنا نأخذه بملء الإرادة، وجاد السعي، واجتهاد النَصب الذي يمنح الحياة طعمها المستساغ، وفسحة الأمل التي لولاها لضاق العيش، وما شرورها إلا انتقاء منا للنظر لنواقصها، واختيار لنا للتفاعل مع ما لا يسرنا. *لحظة إدراك: من الشجاعة أن يُقدم المرء على الحياة مختاراً ساعياً باذلاً، لأنه يُدرك أن طيب الحياة لا يُمنح له على طبقٍ من ذهب، وإنما بقدر سعيه، ووضوح نيته، وصلاح عمله والدربة على اختيار ما يلائم توجهه في تحسين جودة حياته، وبالاستمرار في ذلك حتى يحصد نتيجة ذلك راحة باله، وأُنس خاطره، وشراحة نفسه، وتهذيب فعله، وصدق في اتصاله بربه مدبر أمره.