10 سبتمبر 2025

تسجيل

عتبة ذاك الموقف

23 يوليو 2024

هناك من يعتقد أنه ومن خلال تخطيطه المُسبق يستطيع تخطي كل الأخطاء الواردة في ذاك السباق الذي يخوضه في حياته، والوارد أن ذاك الاعتقاد يعاني من خلل (ما) يظهر حين يُدرك أنه قليل الحيلة أمام ما قد كُتِبَ له وقُدر، وهو ما لا يُجرده من حق التفكير في أموره (أيا كانت)، ولكنه ما سَيُخفف عنه ذاك الحزن، الذي سيلقفه في نهاية المطاف، وتحديدا بعد أن يكون قد بذل الكثير من الجهد، الذي تخلف عن وعده، وصار في الخلف؛ ليغدو صاحبنا هذا وحده في الأمام، أمام حقيقة واحدة، وهي أنه مهما خطط وفكر فهناك من يُحسن التدبير، وسيُدبر الأمر وبشكل لن يستوعبه أبدا، ولدرجة أنه لن يجد ما ينطق به ويليق بكل ما يحدث له سوى (سبحان الله)، والآن كم هي عدد المرات، التي بلغت فيها عتبة ذاك الموقف؟ مما لا شك فيه أن الحياة تنجب بين الحين والآخر الكثير من المواقف، التي تنتهي بهذا المشهد، الذي يتلاشى فيه كل شيء، سوى عظمة الله ورحمته، ومن المفترض أن تكرار ذات المشهد يُنعش القلب، ويقويه أكثر؛ ليتحمل ما تخلفه كل لحظاته التي تمر عليه، ويحملها على أكتافه بخفة ودون أن يشكو منها، فهو كل ما سيجعله أكثر قوة وقدرة على مواجهة الصعوبات التي ومن الممكن أن تتفاخر بتدميره لاحقا، ولكنها لن تتمكن من ذلك؛ لأن هذا القلب قد عاش الكثير من المواقف، التي دبرها العلي القدير بقدرته، وسيدرك ما هو أكثر بفضله متى تمسك بموقفه وبكل ثبات. لصديقتي تلك لي صديقة تعاني من النهايات التي لا تروقها على الرغم من أنها لا تُجيد سوى التخطيط (والتخطيط الجيد فقط)، وكم يؤسفني أن أراها مُحبطة في كل مرة بعد أن يخذلها كل ما حولها، ولأن أمرها يهمني كثيرا، فلقد قررت تخصيص هذه الكلمات لها ولكل من يعاني من ذات الأمر: لست ضد التخطيط أبدا، فأنا على يقين أنه يساهم في تنظيم أمور الحياة؛ لتسير في الاتجاه الصحيح، حتى تصل حيث يجدر بنا أن نكون، فهو ما نسعى إليه منذ البداية، ولكني ضد فكرة أن نعيش؛ لنخطط طوال الوقت، فيمضي بنا دون أن نمنح قلوبنا الفرصة الكافية؛ لإدراك ما تحمله لنا الحياة من مفاجآت لابد وأن نُعينها على أن تكون بتوقفنا عن التخطيط في مرحلة من المراحل، والاكتفاء بالانتظار فقط؛ لمعرفة ما قد كُتب لنا كما كُتِبَ له أن يكون، ودون أي تدخل منا. حتما ستُبهرك قد تضع من الخطط الكثير؛ لتنجز وتتألق بإنجازك، الذي سيُحسب لك في مراحل لاحقة من حياتك، ولا عيب في ذلك، ولكن العيب كل العيب أن تفرط في ذاك التخطيط؛ لتصدق أنك الوحيد القادر على إتمام ما تريد كما تريد، وهو ما لن يكون لك؛ لأنك قد تصل لنقطة لن تتمكن فيها من التفكير، وستحتاج لمن يُعينك عليها، ويكفيك حينها أن تقبل بما يحدث لك، وتُقبل الأرض بسجدة سيقبلها رب السماء، وهو يدرك أي مأزق تعيشه حين تخلى عنك تخطيطك، ولم يصل بك حيث كنت ترجو منذ البداية. يا عزيزي حين تأخذك اللحظات إلى هناك يكفيك أن تُسلم أمرك لصاحب الأمر، فوحده (الله) من لديه خطة لا ولن تستوعبها أنت وعقلك، ولكنها حتما ستُبهرك، وكل ما عليك فعله هو بذل المزيد من الصبر، الذي سيربت على قلبك؛ لتدرك من الحياة ما لم تدركه من قبل، فالصبر الصبر، وحتى يتحقق لي ولك ما نريد، ألقاك على خير.