12 سبتمبر 2025

تسجيل

ظلال الخطيئة

23 يوليو 2019

بينما تقرع طبول الحرب في خليجنا العربي، ينشغل الإعلام السعودي والإماراتي بمحاولات بائسة لمحو فلسطين من العقل والضمير العربيين، بحيث يصبح الصهاينة أبناء عمومتنا كما يصفهم المتصهينون التويتريون واليوتيوبيىن السعوديون، فيقرأ أطفالنا في المستقبل عن تيودور هرتزل؛ مؤسس الصهيونية السياسية، كقائد عظيم، ويتم منعهم من قراءة سورة الإسراء التي جعلت من القدس والأقصى قرآناً يُتلى.   1) سون تزو: في لقاء مع وكالة بلومبيرغ، سنة 2017م، قال ولي العهد السعودي إنه قرأ كتاب: فن الحرب الذي ألفه الفيلسوف والمفكر العسكري الصيني: سون تزو قبل ألفين وخمسمائة سنة. ونحن نصدقه فيما قاله، لكننا لا نعتقد أنه استفاد منه، لأن من أهم قواعد الحرب لدى تزو أن لا تدخل في حرب طويلة، وأن تعد خطةً بديلةً. فحرب اليمن، تحولت إلى بؤرة استنزافٍ اقتصادي وسياسي للسعودية التي كان ينبغي على قيادتها إعداد خطة سياسية حكيمة يتم اللجوء إليها عند ظهور أولى بوادر الفشل العسكري. فبدلاً من صرف سبعمائة وخمسين مليار دولار على التدمير والتهجير خلال سنوات الحرب الأربع، كان يمكن تخصيص مائتي مليار لإعمار اليمن، فتضمن تخليق قاعدة شعبية يمنية وعربية مساندة لها، ومدافعة عنها ضد أي تهديد تتعرض له. أما إيران، فالجميع يعلمون أن مواجهتها لا تكون باللجوء إلى الكيان الصهيوني ومعاداة العرب والمسلمين، وإنما بالحوار والتفاوض العلنيين المباشرين، أو سراً من خلال وسطاء مضمونين، وهو ما أدركته أبوظبي التي تعلم أن إطلاق رصاصة واحدة في الخليج سيكون بداية النهاية لاقتصادها وازدهارها وأوهامها الإمبراطورية، فخفضت من نبرتها العدائية تجاه طهران، وأخذت تفاوضها للوصول إلى نقاط التقاء، دون أن تُبالي بالسعودية التي أصبحت وحيدةً في مواجهة حالةٍ عسكريةٍ ليست مؤهلةً لها، وحالةٍ سياسيةٍ دوليةٍ تزيد من كلفة الحرب عليها.   2) اترك لخصمك منفذاً: هذه إحدى القواعد الذهبية في كتاب فن الحرب، لأنك إذا لم تترك لخصمك منفذاً للتفاوض أو التراجع عن سياساته، فإنك تدفعه للاستبسال في مواجهتك، والسعي لاستنزافك في مناطق أخرى تجعلك ضعيفاً ومكشوفاً أمام خصومك الخارجيين والداخليين فلا تستطيع مواجهة نتائج سياساتك. وإذا نظرنا إلى السعودية، فإننا سنلاحظ أن إعلامها يقرع طبول الحرب مهدداً إيران بمحوها عن الوجود خلال ساعتين، في حين أن الواقع يخبرنا أنها تعتمد كلياً على الولايات المتحدة لشن تلك الحرب، و في الوقت نفسه يعلن الكونغرس عن تشريع يُلزم ترامب بالحصول على موافقته لشنها. بمعنى آخر، إن السعوديةَ تدرك أنها بلا حلفاء دوليين حقيقيين ذوي تأثير، وحتى حليفتها في الخطايا: أبوظبي تخلت عنها في مواجهة إيران التي لم يُترك لها منفذٌ.   3) الخطر القادم من أبوظبي: ما دامت السعودية تُدار بعقلية تركي آل الشيخ وسعود القحطاني، فإن قيادتها لن ترى الخطر الحقيقي عليها وهو الخطر الظبياني. فقد استفادت أبوظبي من جرائمها في حرب اليمن وليبيا ومصر، فأصبحت تمتلك رصيداً ضخماً من القدرة على التخطيط لتدمير الأنظمة السياسية وإدخال الدول في دوامة الحروب الأهلية. ولأن الأوهام الإمبراطورية لها تدفعها لإضعاف الجميع، فلا يستبعدنَّ أحدٌ أن لديها تخطيطاً استراتيجياً طويل المدى يستهدف السعودية. فلو نظرنا إلى اليمن الذي هو الخاصرة الرخوة للمملكة، فسنجد أن الإمارات زرعت فيه جيوشاً صغيرةً مواليةً لها ومستعدةً للعمل حتى ضد السعودية. والأمر الأكثر لفتاً للنظر، هو اللوبي الإماراتي في واشنطن الذي لم نسمع له صوتاً في حشد التأييد للرياض، بل إنه يحاول دائماً الحديث عن السعودية كدولة تشكل تهديداً محتملاً للأمن والسلم الدوليين. وحتى كبار المسؤولين الظبيانيين كأنور قرقاش يقدمون إمارتهم كمركز لاتخاذ القرار في الخليج والوطن العربي وكأن السعودية ليست أكثر من حديقةٍ خلفيةٍ لها. أما وزير خارجية أبوظبي: عبدالله بن زايد، فإنه استخف بالمملكة بتغريدةٍ قال فيها إنها تواجه الحوثيين بالحفلات، وكأنه يقول إن بلاده قاتلت وحدها في اليمن، وهذا مؤشر ذو خطورة عظيمة ينبغي على عقلاء الرياض التنبه له بجديةٍ، وإعداد العدة لما بعده. [email protected]