29 أكتوبر 2025
تسجيل• الناس على دين ملوكهم.. وكما تكونوا يولّى عليكم • حل الأزمة الخليجية في مبدأين لا ثالث لهما • الأشقاء حاولوا المساس بمبدأين ضحّت من أجلهما الإنسانية جمعاء • نجحت قطر في كسر احتكار المعلومة بالثورة الإعلامية التي أحدثتها • في ظل التكنولوجيا الحديثة لا تستطيع دول فرض وصاية على عقول شعوبها • الحس الوطني لدى الشعب أذهل العالم واستحق إشادة حاكمه به • القطريون أفشلوا دول الحصار في تحقيق أي انتصار • قطر تحارب الإرهاب لأنها تعتبره جريمة بشعة ضد الإنسانية • ستكون قطر الآن أقوى منها قبل الأزمة المفتعلة • دعا إلى عدم إدخال الشعوب في الخلافات التي من شأنها إلحاق الضرر بهم خطاب الكرامة والشهامة والعزّة والأنفة الذي ألقاه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله، مساء الجمعة كان الحدث الأبرز والأهم، فقامت بنقله 119 قناة في الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا وأكثر من 156 مليون مشاهد بحسب صحيفة دير شبيغل الألمانية، الخطاب لملم الجراح القطرية، وأبدى سموه أسفه لما حدث من (الأشقاء!!) ولم يقل (دول الحصار) احتراماً وتقديراً لما يجمع بين دولة قطر ودول الخليج على المستوى الرسمي والشعبي أيضا، وملامساً جروح الأزمة ووضع الحلول المناسبة لها إن أرادوا ذلك؛ وهي متمثلة في مبدأين لا ثالث لها: المبدأ الأول: أن يكون الحل في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها، والمبدأ الثاني: ألا توضع الحلول في صيغة إملاءات من طرف على طرف، بل كتعهدات متبادلة والتزامات مشتركة ملزمة للجميع، هذان هما الأساس اللذان اشترطتهما دولة قطر منذ بداية الأزمة الخليجية، ولم تتزعزع عنهما، بل حافظت على هدوئها وسياستها الحكيمة في عدم الانجرار إلى مستويات أقل لا تليق بالدبلوماسية بشكل عام، وتخالف الأخلاق الإسلامية والعربية وما تم التعارف عليه في المنطقة، ومثلما أكّد عليهما سموه في خطابه فقد أكّد أيضا في كلمته أن هذه الدول حاولت المساس أيضا بمبدأين ضحّت من أجلهما الإنسانية جمعاء، أولهما: مبدأ سيادة الدول وإرادتها المستقلة، وثانيهما: حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة، ومثلما أكّد سموه حفظه الله أنه لا معنى لحرية التعبير إذا لم يكن لدى المواطن الحق في الوصول إلى المعلومة، وهو ما أثبتته دولة قطر وأثبتت حقها في ممارسة سيادتها دون إملاءات، كما أنها كسرت احتكار المعلومة بالثورة الإعلامية التي أحدثتها، وليس أدل على ذلك من الرقي في التعامل الأخلاقي للشعب القطري مع هذه الأزمة، الذي كان نتاج تقدم حضاري اهتم بعدة جوانب على رأسها الإعلام، فأتاحت وصول كل من يعيش على أرض قطر الطيّبة لأي معلومة يريد الوصول إليها دون عناء أو تعب، بل وفرت كل ما يلزم من تسهيل كافة الإجراءات دون منع أي وسيلة كانت، في الداخل أو الخارج، ومن خلال ذلك يستطيع أي شخص التمييز بين الأخبار ومقارنتها بالواقع وربطها مع ما يحدث، وبالتالي التوصل إلى الحقيقة المجرّدة دون عناء يُذكر، وهو الأمر الذي تم تغييبه في دول الحصار، بل إنها فرضت قانوناً لمن يتعاطف مع قطر!! ومنعت فنادق وجهات تتبعها من بث قناة شبكة الجزيرة وbeIN sports ومواقع إخبارية مميزة، والحكم من خلال المتابعة والزيارات المتكررة عليها، وهي رسالة لا يختلف عليها أحد بأنها تأتي تحت تفسير (لا أريكم إلا ما أرى، أي لا تأخذوا خبرا أو معلومة إلا من خلال أدواتنا وغير ذلك محرّم عليكم!)، وبالتالي وضعت دول الحصار مساراً واحداً لشعوبها قائما على احتكار المعلومة وترسيخ أي معلومة تريد تمريرها لهم في العقل الباطني، وهو ما لا يمكن أن يكون في هذا القرن والعصر الذي نعيشه مع وجود وسائل تواصل اجتماعي وفضاء مفتوح وعالم أصبح قرية صغيرة في ظل التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي لا تستطيع هذه الدول فرض وصاية على عقول شعوبها الحرّة، وهذا ما أثبتته الأحداث الأخيرة لدى بعض مواطني تلك الدول، ومقاومتهم لكل ما حاولوا تمريره، مع تعرضهم للسجن أو التعذيب أو الإخفاء القسري. وأوضح سمو الأمير المفدى في خطابه مدى اعتزازه بالقطريين الذين أذهلوا العالم بمحافظتهم على مستواهم الراقي والأخلاقي في التعامل مع الأزمة، وهذا لم يكن لولا اهتمام القيادة القطرية على مرّ العصور ببناء الإنسان القطري وتسليحه بالعقل والحكمة والعلم والحريّة، وإعطائه الفرصة الكاملة في قول ما يريد ويسعى، فكانت النتيجة واضحة للعيان، فكل مواطن عمل من مكانه ومركزه في خدمة أرض الوطن وقيادته بحب وشغف، فالمسافر عاد في الحال إلى موطنه، ومن كان حاجزا للسفر مع أهله فترة الصيف ألغى السفر واختار البقاء مع قيادته، وكل هذه الأمور رسالة تلقائية اتخذوها من أنفسهم دون الرجوع لأحد، وهذا هو الحس الوطني الذي أذهل العالم واستحق إشادة حاكمه، فكانت النتيجة واحدة لا غير: إفشال دول الحصار من تحقيق أي انتصار حتى وإن كان معنوياً، فتكاتف الشعب مع قيادته وحكومته ومواجهتهم معاً لكل الأسلحة التي اتخذتها (الدول الشقيقة!!) ضد قطر وشعبها باءت بالفشل الذريع، بالرغم من اتخاذهم كل الوسائل المتاحة سواء ببث أخبار كاذبة أو استغلال القبلية المقيتة أو نشر الأكاذيب والفبركات غير الصحيحة، وهذا الأمر أصابهم بالجنون مع العلم أن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى أوضح لهم المشكلة والحلول الناجعة لتجاوز أي أزمة قد تعترض هذه الدول مع شعوبها، وتكمن في حفظ السيادة والندّية في التعامل وكسر احتكار المعلومة وبناء المجتمع وتسليحه بالتعليم والاهتمام بالصحة وتوفير الحياة الكريمة ومحاربة الفقر، كل ذلك كفيل بأن تبني شعوبا تحترم قيادتها وتعمل على تقدم أوطانها وازدهارها. كلمة سمو الأمير المفدى ركزت أيضا على مكافحة قطر للإرهاب بلا هوادة، بل إنها عملت على كل المستويات والأصعدة لمحاربته، وقد نجحت في ذلك، وهناك إشادة دولية واعتراف لدولة قطر في هذا المضمار، وأنها لا تقوم بذلك إرضاء لأحد؛ بل لأنها تعتبره جريمة بشعة ضد الإنسانية، ولأنها ترى أن المتضرر الأكبر من هذه الآفة القضايا العربية العادلة، وهذا ما جعل دول العالم تحترم دولة قطر ودورها في مكافحة الإرهاب وانتشاره، وأغضب دول الحصار التي تواجه الكثير من المشاكل حول أخطر قضية في العالم "الإرهاب". والأجمل في هذه الأزمة المفتعلة أن المواطن والمقيم في دولة قطر تكاتفوا وتعاونوا في مواجهة هذه الأزمة، وقد حظي الجميع بأن كانوا ناطقين باسمها مدافعين عن سيادتها، ولأنهم يعلمون أنهم شركاء معنا على هذه الأرض المباركة، ينعمون بكل ما ينعم به المواطن من حقوق وواجبات أيضا، ولو أنهم لم يشعروا بقيمتهم وحريتهم وكرامتهم لما كانوا مضطرين للدفاع عنها وعن شعبها. "رب ضارة نافعة" هذه النتيجة الفعلية التي أكّد عليها سمو الأمير المفدى في خطابه مساء الجمعة، وأوضح أنه أعطى أوامره للحكومة بأن تفعل كل ما من شأنه أن يرتقي بالحياة المجتمعية، والانفتاح الاقتصادي على الاستثمار وتنويع مصادر الدخل وإزالة العوائق ومنع الاحتكار، وهي الأزمة التي ستكون قطر بعدها أقوى بمشيئة الله منها قبل الأزمة، وقد تحدّث سموه عن أمور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها إلا أنها ستكون نبراسا لنا في هذه الأزمة وبعدها، إلا أنني أريد أن أشيد بتعامل قطر بأخلاق راقية، وقد أوضح سموه ذلك في خطابه بعدم جر شعوب دول الحصار ومعاملتهم بالمثل، بل تركت لهم الحرية في اختيار ما يريدون ويسعون له، ودعا في نفس الوقت إلى إيقاف الحكومات وقادة الدول تحميل الشعوب ثمن الخلافات السياسية بينها، وعدم إدخالهم في الاختلافات حتى لا يلحق الضرر بالمجتمعات الخليجية التي تربط بينها علاقات حميمة وصلة قرابة، وأخيرا وليس آخرا إن الإشادة التي حظيت بها قطر من جميع الشعوب في العالم، هي وسام على صدر الشعب القطري، وهي من النعم التي أنعم الله بها على هذه الأرض المباركة، ونقول لهم: إن الناس على دين ملوكهم، وكما تكونوا يولّى عليكم، فعندما تسمعون خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى فمن الطبيعي أن تتأكدوا من أخلاق الشعب الذي يقوده.