14 سبتمبر 2025

تسجيل

مفسدات القلب

23 يوليو 2014

بعد أن تعرفنا على أهمية القلب ، وأهمية تخليصه من مفسداته الخمس بقي أن نقف وقفات عندها لنستبصر خطورتها يقول ابن القيم عن تلك المفسدات : إنها قاطعة حائلة بين القلب وربه ، عائقة له عن سيره، ومحدثة له أمراضا وعللا إن لم يتداركها المريض خيف عليه منها. فأما ما تؤثره كثرة الخلطة: فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسوَدَّ، يوجب له تشتتا وتفرقا، وهما وغما، وضعفا، وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء، وإضاعة مصالحه، والاشتغال عنها بهم وبأمورهم، وتقسم فكره في أودية مطالبهم وإراداتهم، فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟ . هذا، وكم جلبت خلطة الناس من نقمة، ودفعت من نعمة؟ وأنزلت من محنة، وعطلت من منحة، وأحلت من رزية، وأوقعت في بلية؟ وهل آفة الناس إلا الناس؟ وهل كان علَى أبي طالب ( عم النبي صلى الله عليه وسلم ) عند الوفاة أضر من قرناء السوء؟ لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدة توجب له سعادة الأبد. وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا، وقضاء وطر بعضهم من بعض تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة، ويعض المخلط عليها يديه ندما، كما قال تعالى {ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا - ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا - لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني} [الفرقان: 27 - 29] وقال تعالى {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67] وقال خليله إبراهيم لقومه {إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت: 25] وهذا شأن كل مشتركين في غرض، يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله، فإذا انقطع ذلك الغرض، أعقب ندامة وحزنا وألما، وانقلبت تلك المودة بغضا ولعنة، وذما من بعضهم لبعض، لما انقلب ذلك الغرض حزنا وعذابا، كما يشاهد في هذه الدار من أحوال المشتركين في خزيه، إذا أخذوا وعوقبوا، فكل متساعدين على باطل، متوادين عليه لا بد أن تنقلب مودتهما بغضا وعداوة.