16 سبتمبر 2025

تسجيل

رمضان وفسحة الأمل

23 يوليو 2013

رغم أن شهر رمضان الفضيل يحمل في قلبه الكثير من الفضائل التي تميزه عن غيره ونشتاق إليها كمسلمين، إلا أننا وللأسف مازلنا نتلقى العديد من المشاهد التي تشغل الأفراد؛ لينشغلوا عنه بها، فهي تلك التي تترجم الوضع العام الذي يشغل العالم في هذه الفترة من أزمات تصفعنا بها بين الحين والآخر وكل ذلك؛ بسبب قبحها، وكيف يمكن أن تُوصف وهي تلك التي تكشف لنا كل ساعة عن مأساة جديدة تحط بأقدامها القبيحة علينا، بشكل يغلبه الوجع ويتغلب عليه الرعب الشديد؛ لينتهي بنا الأمر ونحن نحلم بتلك اللحظات التي سينتصر فيها السلام على العالم وبشكل عام، وعلى النفس وبشكل خاص، فلا شيء يمكن أن نحلم به فعلاً ونترقب وقوعه كزوال حمى (الرعب) وحلول السلام مكانه؛ ليكون لنا في رمضان، الذي نأمل أن يكون نقطة بداية ننطلق منها كما نأمل أن يكون، والحمدلله أننا مازلنا نفعل ومازلنا نحمل من الأمل ما يكفي؛ لنستمد منه ما يكفي من الطاقة التي تحملنا على تحمل ما يحدث من حولنا، فوحده الأمل ما يمكن أن يخفف من حدة الألم، وإلا لضاقت الحياة وكما قيل (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل). إن ما يحدث من حولنا من أحداث مُوجعة لم يكن ليتوقف؛ لأنه يترجم الصراع الأزلي بين الخير والشر، وهو ما بدأ منذ أن بدأت الحياة، ويمتد بحسب ما تفرضه الظروف، ولكنه يأخذ مساحة أكبر مع تلك الوجبات التي تُغذي العقول الغائبة عن الوعي، ويقدمها الإعلام الذي نجد فيه من يلتزم بمهمة التوجيه من جهة، ومن يعتمد التضليل مهمة يعيش منها ويُجبر غيره على تقبلها كحياة لا تُحسب على الحياة من جهة أخرى، وهو وللأسف الشديد ما يعاني منه أهل الإعلام (والحديث لا يمس الكل ولكن البعض)، ممن تُنعشهم الفبركة الإعلامية، واختلاق القصص التي لا تستند إلى ظهر الواقع أبداً، ولكنها تظهر وكأنها وقعت بالفعل، وهو ما يزيد من موجة الرعب في قلوبنا؛ ليلتهمنا الخوف فلا يبقى للعقل منه أي شيء يُذكر؛ لنذكر به أي خير يُحسب، ونحن بأمس الحاجة إلى الخير في هذه الأيام الفضيلة، التي تجمعنا من حولها، غير أن تلك الأحداث التي تقفز علينا تفرقنا وتُقرفنا أيضاً، وهو ما لا نرغب به، ولا يجدر به أن يكون في هذه الأيام وغيرها من الأيام، ولكنه يقع ويحدث ويكون ويحتاج إلى مواجهة تبدأ من الفرد نفسه قبل أن تكون من الجماعة؛ لنتلقى الأحداث والوقائع بشكل ألطف يجعلنا نركز أكثر دون أن نتبعثر ونضيع بوقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى الثبات الحقيقي. من القلب نحن بحاجة إلى ترابط يجمعنا، والكثير من الوعي؛ كي نحافظ على عقولنا دون أن نسمح لها بالتشتت والتبعثر مع الأحداث التي تجري وتجرفنا معها في كل اتجاه لا يجدر بنا أن نكون فيه، وهو ما يمكننا تجنبه متى أدركنا الصواب من الخطأ، ويكون لنا حين نفكر ولا نسمح لغيرنا بأن يتولى تلك المهمة عنا، وحين نرى ما نراه نحن لا ما يُفرض علينا؛ كي نراه ونركز عليه، فنخرج بمجتمع إنساني نظيف ينجز ويُقدم ويتقدم نحو الأفضل، فهو ما يجدر به أن يكون أصلاً؛ لذا فلننطلق من هنا الآن.