11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يقول تعالى : ( الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) تستمر الآيات في وصف الضالين الفاسقين المبتغين للفتنة ، وتقرير ما هم عليه من الفسق والنقض لعهد الله وهو الحجة القائمة على عباده الدالة على وجوده ووحدته وصدق رسوله عليه السلام وبه أول قوله تعالى : " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " وقيل عهود الله تعالى ثلاثة : الأول : ما أخذه على جميع ذرية آدم عليه السلام بأن يقروا على ربوبيته , والثاني : ما أخذه على الأنبياء عليهم السلام بأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه , والثالث : ما أخذه على العلماء بأن يبينوا الحق ولا يكتموه .( من بعد ميثاقه ) اي من بعد أن وثقوه بالقبول والالتزام أو من بعد كونه موثقا إما بتوثيقهم إياه بالقبول , وإما بتوثيقه تعالى إياه بإنزال الكتب وإنذار الرسل .( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) يحتمل كل قطيعة لا يرضى بها الله سبحانه وتعالى كقطع الرحم وموالاة غير المؤمنين والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب في التصديق وترك الجماعات المفروضة وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر فإنه يقطع مابين الله تعالى وبين العبد من الوصلة التي هى المقصودة بالذات من كل وصل وفصل , والأمر هو القول الطالب للفعل مع العلو .( ويفسدون في الأرض ) بالمنع عن الإيمان والاستهزاء بالحق وقطع الوصل التي عليها يدور فلك العالم وصلاحه , ( أولئك هم الخاسرون ) الذين خسروا بإهمال العقل عن النظر واقتناص ما يفيدهم الحياة الأبدية واستبدال الإنكار والطعن في الآيات بالإيمان بها والتأمل في حقائقها والاقتباس من أنوارها واشتراء النقض بالوفاء والفساد بالصلاح والقطيعة بالصلة والعقاب بالثواب .( كيف تكفرون بالله ) التفات إلى خطاب المذكورين مبنى على إيراد ما عدَّد من قبائحهم لتزايد السخط الموجب للمشافهة بالتوبيخ والتقريع , والاستفهام بمعنى إنكار الواقع واستبعاده والتعجيب منه .( وكنتم أمواتا ) أي أجساما لا حياة لها عناصر وأغذية ونطفا ومضغا مخلقة وغير مخلقة , والأموات جمع ميت وإطلاقها على تلك الأجسام باعتبار عدم الحياة مطلقا كما في قوله تعالى " بلدة ميْتا " وقوله تعالى " وآية لهم الأرض الميتة " ( فأحياكم ) بنفخ الأرواح فيكم فإن الإحياء حاصل إثر كونهم أمواتا وإن توارد عليهم في تلك الحالة أطوار مترتبة بعضها متراخ عن بعض , ( ثم يميتكم ) أى عند انقضاء آجالكم وكون الإماتة من دلائل القدرة ظاهر وأما كونها من النعم فلكونها وسيلة إلى الحياة الثانية التي هى الحيوان والنعمة العظمى , والتراخي المستفاد من كلمة ثم بالنسبة إلى زمان الإحياء دون زمان الحياة فإن زمان الإماتة غير متراخ عنه , ( ثم يحييكم ) بالنشور يوم ينفخ في الصور أو للسؤال في القبور وأيا ما كان فهو متراخ من زمان الإماتة وإن كان أثر زمان الموت المستمر , ( ثم إليه ترجعون ) بعد الحشر لا إلى غيره فيجازيكم بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر وإليه تنشرون من قبوركم للحساب , وهذه الأفعال وإن كان بعضها ماضيا وبعضها مستقبلا لا يتسنى مقارنة شئ منها لما هو حال منه في الزمان , لكن الحال في الحقيقة هو العلم المتعلق بها , كأنه قيل كيف تكفرون بالله وأنتم عالمون بهذه الأحوال المانعة منه , ومآله التعجيب من وقوعه مع تحقق ما ينفيه , وإنما نظم ما ينكرونه من الإحياء الأخير والرجع في سلك ما يعترفون به من الإحياء الأول والإماتة تنزيلا لتمكنهم من العلم لما عاينوه من الدلائل القاطعة منزلة العلم بذلك بالفعل في إزاحة العلل والأعذار .