26 أكتوبر 2025
تسجيلعلى الرغم من تسابق المسلسلات الرمضانية على الفوز بلقب (الأفضل) من خلال الفوز بقلب المُتلقي، الذي تجذبه وتكسبه عن طريق استعراض عضلات جديدة في كل عام؛ ليُلقف بكل اهتمام يُكسبها محل الصدارة فيتحقق المُراد، وعلى الرغم من اجتهاد الجميع على تقديم الأفضل وفق معايير خاصة ومُبتدعة تحرص على تقديم صورة من صور الحياة ضمن إطار قد تربطه بالواقع صلة رحم فعلية وقد لا تفعل، ولكنها لا تلتفت لذلك فكل ما يهمها هو أن تكون وبأي شكلٍ من الأشكال التي ومن الممكن بأن تصل بها إلى الهدف الذي يشغل بالها، وعلى الرغم من خروجنا بنتيجة حتمية لتراكم تلك الجهود ألا وهي مواجهة (تضخم قائمة المسلسلات)، الذي يتسبب بتزاحم الساحة الفنية بالكثير من الأعمال التي تُسابق الزمن؛ كي تفوز بهذا السباق إلا أنها والحديث عن (تلك المسلسلات) وبكل ما تتكبده من عناء الإعداد والتحضير، لا تخرج عن حدود الصورة الأصغر لصورة أعظم وأكبر للمسلسل الواقعي الذي تُشارك فيه شخصيات حقيقية بقصص واقعية تكتبها أحداث مُقدرة لا يمكن للمتلقي تكهنها أو توقع ما سيعقبها، ولكن ترقبها وبحرص شديد؛ لمعرفة خطة سير الأحداث، التي وإن بدت مبعثرة إلا أنها تسير وفق خطة إلهية متفقة النسق ستصل وفي نهاية المطاف حيث يشاء الله.إن المسلسل الواقعي الذي غلب وسيغلب كل المسلسلات لقوة ما يستند إليه، هو ذاك الذي نشهد حضوره القوي، وحصوله على أعلى نسب المشاهدة على مدار العام وليس في رمضان تحديداً، (نعم) قد يتغير اسمه في كل مرة يُعرض فيها إلا أنه يحمل ذات المضمون، الذي يخترق المتلقي أياً كان، فكما هو معروف فإن التلقي مستويات تصنفها ثقافات مختلفة ستقف مكتوفة الأيدي أمام قوة المشاهد المعروضة، والتي تترجم مضمون المسلسل ألا وهو (الظلم) الذي يقع وبقسوة على رأس الكثير من الأفراد في زوايا كثيرة من زوايا الحياة دون مقدمات، ودون أن يمنحهم الوقت الكافي؛ كي يتمكنوا من تعديل أوضاعهم، ومن منا عساه يفوز بذلك حتى من قبل أن يتلقى الضربة الأولى، التي لا يعلم بأمرها حتى تكون؟ كبشر فإنه ومن الطبيعي بأن نخضع في حياتنا هذه إلى الكثير من الاختبارات الصعبة، التي تختبر صبرنا في مواقف مختلفة نعيشها مع أطراف أخرى تحرص على تصعيب الأمور علينا فإما أن نتحملها ونتجاوزها حتى ندرك النجاح الحقيقي وإن كان ذلك بعد حين، أو أن نُسلم ونستسلم منذ البداية؛ كي نعلن فوزنا بشيء واحد ألا وهو (الفشل الحقيقي)، الذي سيصبح كظل يلاحقنا حيث نذهب ونكون، والحق أن الاستسلام لملاحقة ذاك الشبح كالتوقيع على شهادة الوفاة، التي ستبيع الجسد؛ لتضيع الروح؛ ليصبح بذلك صاحبها كالحي الميت، الذي لا تعنيه الحياة بقدر ما لن يعنيها أمره أبداً، فهل هذا ما تسعى إليه فعلاً؟ لاشك أن الإجابة عن هذا السؤال شأن خاص لا يحق لأي واحد منا التدخل فيه؛ لإبداء رأيه الذي لن يتجاوز حيز التنظير أمام مشكلة حقيقية يعيش تفاصيلها آخر يعاني ويتلوى من شدة العذاب، ويحتاج لمن يأخذ بيده؛ كي ينهض، ولكن تحقيق هذا الأخير أولا وهو (النهوض) يُعد مسؤولية عامة وإن كان الحديث عن شأن خاص، مما يعني أن الأمر يتطلب تكاتف الجميع في سبيل خلاص الجميع، فإن وقع الظلم وبكل ظلم على أحدنا توجب على الآخر التدخل لمساعدته على النهوض، وإن كان ذلك بكلمة طيبة تمسح عن قلبه الحزن والعذاب، وتُعينه على تجاوز لحظاته التعيسة؛ كي يُعالج المسألة بشكل لائق سيُزيح تلك الغشاوة التي تَسَبب بها الظلم الواقع عليه، وسيسمح له بأن يرى ما عجز عن رؤيته من قبل، فيكون بذلك كمن أمسك بأول الخيط؛ ليبدأ وما سيأتي من بعد ذلك سيكون هيناً بإذن الله تعالى.إن مسلسل (الظلم) الذي تحدثنا عنه وإن اختلف مكان تصويره أو زمانه إلا أنه سيحتاج لوجود البطل Protagonist، الذي ستمثله أنت ليس حين يقع الظلم عليك، ولكن حين تواجهه وبكل قوة؛ كي تأخذ حقك ودون أن يُجمدك التقاعس أبداً، أو ذاك الخوف المتمرد عليك بفضل خصمك وعدوك Antagonist، الذي لا يملك حق إيقافك أو التصدي لك وبأي شكل من الأشكال إلا إن سمحت له بذلك، وهو ما لن يكون ما دمت على حق يُبيح لك حق التواجد في هذه الحياة كما يفعل غيرك، ولكن ضمن حدود المشروع والمقبول.وأخيراً فلقد رغبت بإنهاء هذا المقال بهذه الكلمات التي أوجهها لكل مظلوم: إن وقع ظلمك عليك من قٍبل فرد أو جماعة فلا تحزن حتى تذبل، ولكن دافع عن حقوقك حتى تفوز بها؛ لأن الفوز هو حقك المشروع، الذي لن يُسلب منك، ولكنه سيخرج من تحت عباءتك بمحض إرادتك، وعليه حافظ على ما تملك بكل ما تملك من قوة، وتمسك بإيمانك بالله فهو المُوجه الأول لك، ولا تستسلم أبداً؛ لأن النصر حليفك دائماً. وأخيراً فإن كل ما قد ورد سابقاً يمكن قياسه على كل موقف يمكن بأن تتعرض له في حياتك، فلا تحسب أن الظلم يقع في الخارج فقط، ولكنه ذاك الذي ومن الممكن بأن يبدأ ويكون من الداخل؛ لذا حاربه وسيكون النصر حليفك بإذن الله.وأنت نعم أنت أيها الظالم لك مني التالي: تأكد أنك وإن أبدعت في ظلمك وجورك دون أن يتصدى لك أي شيء بأن خالق الخلق قادر على كل شيء، فهو من يُمهل ولا يُهمل، وحسبك بأن تدرك أنك تظلم وهناك من يُظلم وله حق لا تعرف كيف سيؤخذ منك؛ لذا حاسب نفسك قبل أن تُحاسب.