04 أكتوبر 2025
تسجيليشكل قرار المحكمة الدستورية في الكويت بحل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة فرصة لحصول تعاون إيجابي أو من نوع خاص بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لمعالجة بعض التحديات الاقتصادية في البلاد. وكانت المعارضة قد قاطعت الانتخابات التي جرت نهاية العام 2012 لأسباب لها علاقة بقيام السلطة ومن جانب واحد بتغيير النظام الانتخابي رغم وجود معارضة للأمر. وتركز التغيير على حصر التصويت لمرشح واحد بدل الطريقة التقليدية، أي لأربعة مرشحين. ويلاحظ أن أعلى سلطة قضائية حكمت ببطلان انتخابات ديسمبر 2012 لكنها لم تطعن في النظام الانتخابي الجديد. ولا غرابة بلغت نسبة المشاركة في انتخابات ديسمبر 2012 نحو 39 في المائة وأقل من ذلك حسب إحصاءات المعارضة. حقيقة القول، تتميز الكويت باستقطابها مشاركة شعبية واسعة تصل لحد 70 في المائة في حال عدم حصول مقاطعة. وفي كل الأحوال، فقد تقرر أن تقام الانتخابات الجديدة بتاريخ 25 يوليو، أي في فصل الصيف، بل خلال شهر رمضان المبارك. وهذا يعني أن الحملات الانتخابية سوف تدار في ساعات المساء. وربما يلجأ الكثير من الكويتيين لخيار تأجيل العطلة الصيفية لحين انتهاء شهر رمضان بما في ذلك فترة الانتخابات. من نافلة القول، تعتبر الإجازة الصيفية مقدسة لدى قطاع كبير من المواطنين بدليل لجوء العراق زمن النظام السابق لخيار غزو الكويت خلال فصل الصيف في العام 1990. وقد تسبب هذا القرار الخاطئ بإلحاق الأذى والضرر للكويت والعراق، بل الأمة العربية بشكل عام. كما يتوقع أن يحصل الاقتصاد الكويتي على عوائد من جراء نفقات الحملات الانتخابية، الأمر الذي سوف يضيف لفوائد الشهر الفضيل والذي يتميز بطبيعة الحال بارتفاع النفقات خلاله. ونظرا لارتفاع كلفة شهر رمضان، تعمد بعض البنوك لخيار تأجيل الأقساط التي تحل خلال الشهر بقصد تخفيف الأعباء المالية عن العملاء. المأمول من مجلس الأمة الجديد تكوين علاقة عمل مع الجهات الرسمية لأغراض تشمل الاستفادة القصوى من الفوائض المالية للموازنات العامة. وللتدليل على ما قلناه، فقد حققت الموازنة العامة للسنة المالية 13-2012 فائضا ضخما وتاريخيا قدره 52 مليار دولار. تبدأ السنة المالية في الكويت في شهر أبريل، كما هو الحال مع قطر. يعد هذا الرقم ضخما حتى بالمقاييس المعمول بها في الدول الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تشتهر بتحقيق فوائد مالية ضخمة. يشكل الفائض المالي الكويتي قرابة 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. في المقابل، حققت السعودية فائضا قدره 103 مليارات دولار في موازنة 2012 لكن شكل هذا الرقم 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. يشار إلى أن مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي تم تدشينه من الناحية النظرية بداية 2010 يلزم الدول الأعضاء بعدم تخطي عجز الموازنة العامة حاجز 3 في المائة من الناتج المحلي. نقول نظريا فيما يخص تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي بالنظر لعدم انتهاء الدول الست من التطبيق النهائي لمشروعي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة واللذان يسبقانه. كما يعاني مشروع الاتحاد النقدي من عدم انضمام كل من الإمارات وعمان إليه. من جملة المؤاخذات، يعتمد الاقتصاد الكويتي بشكل نوعي على القطاع النفطي بدليل تشكيله لنحو 85 في المائة من عوائد كل من الموازنة العامة والصادرات. في المقابل، يمثل القطاع النفطي نحو ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة في المتوسط في باقي دول مجلس التعاون الخليجي. كما تمثل الأنشطة المرتبطة بالقطاع النفطي قرابة 40 في المائة من الناتج المحلي في الكويت، أي أعلى نسبيا من المعمول به في المنظومة الخليجية. في المجموع، يمكن الزعم بأن الاقتصاد الكويتي يقع تحت رحمة أسواق النفط العالمية والتي بدورها تتأثر بعوامل مختلفة، منها مزاج المستثمرين وعوامل العرض والطلب والظروف الجيوسياسية، مثل الملف النووي الإيراني. صحيح تتمتع الكويت بعضوية في منظمة (أوبك) لكنها ليست في موقع للتأثير بصورة منفردة على متغيرات أسواق النفط. طبعا، يختلف الوضع مع السعودية والتي تعتبر أكبر دولة مصدرة للنفط الخام. عودة لمسألة الفوائض المالية، بمقدور التعاون بين الحكومة والبرلمان الجديد الاتفاق على صرف جانب من الأموال في بعض المشاريع الحيوية، خصوصا تلك التي تتعلق بتطوير البنية التحتية بما في ذلك مشروع (مترو الكويت). كما من شأن تعزيز النفقات الحكومية عبر استخدام جانب من الفوائض المالية تشجيع مستثمري القطاع الخاص لاتخاذ خطوات مماثلة. ويمكن القول بأنه ليس من اليسير إقناع المستثمر الكويتي بتفضيل الاستثمار المحلي على حساب الدولي. على أقل تقدير، سوف يرى بعض مستثمري القطاع الخاص في تعزيز نفقات القطاع العام بمثابة مؤشر على سلامة أداء الاقتصاد. ويمكن الزعم بغلبة نزعة الاستثمار في الأسواق الإقليمية والدولية لدى المستثمرين الكويتيين ولا يمكن توجيه اللوم لهم بالنظر للحاجة للحصول على أفضل العوائد الممكنة لاستثماراتهم. وعليه لا توجد غرابة من ملاحظة الدور الجوهري للمستثمرين الكويتيين في البنوك الاستثمارية والمشاريع الصناعية في بقية دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصا في البحرين. إضافة إلى ذلك، يتوقع أن يسلط البرلمان الجديد بعد انتخابه الضوء على مسألة شبه غياب العمالة المواطنة من الوظائف المتوافرة في القطاع الخاص. المشهور أن قرابة 92 في المائة من المواطنين الموجودين في سوق العمل يعملون في الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات التابعة للدولة. وعلى هذا الأساس، تستحوذ العمالة الوافدة على نحو 90 في المائة من الوظائف الموجودة في مؤسسات القطاع الخاص. وربما يفسر هذا التواجد اللافت للأجانب، حيث يشكلون فيما بينهم نحو 70 في المائة من مجموع السكان. الأمل كبير بحصول تعاون خاص بين الحكومة وممثلي الشعب في الدورة الجديدة لمجلس الأمة.