03 نوفمبر 2025

تسجيل

تعزيز الإحصائيات النفطية للدول الخليجية

23 يونيو 2012

تشير أحدث الإحصاءات النفطية إلى نجاح دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام بتعزيز نفوذها في أسواق النفط العالمية خصوصا فيما يخص الإنتاج الأمر الذي ينصب في مصلحة الدول الست والدول المستهلكة في الوقت نفسه. ومرد هذا الكلام استعداد الدول الخليجية خصوصا السعودية لسد النقص من المعروض متى ما كانت الحاجة الماسة كما تجلى ذلك في العام 2011 بعد تراجع الإنتاج النفط الليبي على أثر الثورة التي أطاحت بحكم الزعيم معمر القذافي. كما تتميز دول مجلس التعاون الخليجي بإصرارها على تعزيز كل ما له علاقة بتطوير القطاع النفطي فيها بدليل إبرام قطر لاتفاقيات مع شركات نفطية عالمية بالنسبة للاستفادة من احتياطي الغاز المتوفر لديها. وخير دليل على ذلك هو نيل قطر المرتبة الأولى عالميا في مجال إنتاج الغاز المسال. كما تواصل الدول مواصلة عمليات تعزيز الطاقة الإنتاجية لأسباب تشمل الاستفادة من ظاهرة بقاء أسعار مرتفعة لفترة زمنية. يعتقد على سبيل المثال أن لدى السعودية طاقة إنتاج إضافية في حدود مليوني برميل يوميا. وفي كل الأحوال مناسبة الحديث عن موضوع القطاع النفطي الخليجي هو ما تضمنه تقرير العام 2012 لشركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية والذي تم نشره في وقت سابق من الشهر الجاري. من جملة الأمور أشار التقرير إلى حلول السعودية في المرتبة الأولى عالميا في مجال الإنتاج النفطي على حساب روسيا. وعليه أصبحت السعودية ليست فقط أكبر دولة مصدرة للنفط الخام وهي من البديهيات في عالم صناعة النفط بل في طليعة الدول المنتجة لهذه السلعة الإستراتيجية. تعتبر المشتقات النفطية حيوية لمختلف أوجه الحياة في عصرنا هذا سواء السيارات أو الطائرات. تقليديا كانت روسيا تتمتع بصدارة الإنتاج النفطي العالمي لكن يبدو أن التغير النسبي يعود بشكل جزئي إلى زيادة السعودية لإنتاجها النفطي خلال العام الماضي لتعويض حالة الاضطراب التي تعرضت لها أسواق النفط العالمية خصوصا من ليبيا ولحد ما من سوريا. حقيقة القول: لا تتوافر تقارير مؤكدة حول قيام السعودية بالتعويض عن النفط الإيراني على الأقل في العام 2011 وربما يختلف الوضع بعد الوقوف على أرقام 2012. فحسب تقرير (بريتيش بتروليوم) والذي يعد مرجعا لإحصاءات الطاقة، استحوذت السعودية على 13.2 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في العام 2011 وتلتها روسيا بنسبة قدرها 12.8 في المائة ثم الولايات المتحدة وإيران والصين بنسب قدرها 8.8 في المائة و5.2 في المائة و5.1 في المائة على التوالي. ويلاحظ أنه ورغم الإنتاج النفطي الضخم نسبيا تتميز كل من الولايات المتحدة والصين باستيراد كميات كبيرة من النفط الخام لسد الاحتياجات المحلية سواء للصناعة أو الاستهلاك العام. بالعودة للوراء أسهمت روسيا بنحو 13 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي في 2011 مقابل 12 في المائة بالنسبة للسعودية في السنة نفسها. وقد حدث التغيير لسبب جوهري وهو قدرة السعودية على تعزيز إنتاجها النفطي لتعويض الأسواق الدولية عن الخسائر الناجمة من جراء الربيع العربي أو التطورات السياسية غير المنتهية في منطقة الشرق الأوسط. بيد أنه لا مناص من الإشارة إلى نجاح فنزويلا في إقصاء السعودية من مرتبة أكبر بلد لديه مخزون مكتشف من الاحتياطي النفطي. ويلاحظ استحواذ كل من فنزويلا والسعودية على 17.9 في المائة و16.1 في المائة من الاحتياطي النفطي العالمي وذلك استنادا لدراسة الشركة البريطانية. وبشكل أكثر دقة لدى كل من فنزويلا والسعودية احتياطي نفطي قدره 295 مليار برميل و265 مليار برميل من النفط الخام على التوالي. وفي كل الأحوال ليس من مصلحة كبرى الدول المنتجة للنفط الحديث كثيرا عن تسجيل زيادة في الاحتياطي النفطي حفاظا على أسعار النفط وربما هذا هو موقف كبار المنتجين. بيد أنه تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر استحواذا على الاحتياطي النفطي كمنظومة، حيث إنها لديها 494 مليار برميل أو 30 في المائة من الاحتياطي و42 في المائة من احتياطي منظمة أوبك والتي بدورها تضم العديد من الدول بما في ذلك فنزويلا وإيران.   إضافة إلى النفط الخام، تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حصص مؤثرة فيما يخص الغاز الطبيعي حيث إنه لدى قطر وحدها 25 تريليون متر مكعب أي 12 في المائة من المخزون العالمي المكتشف. وهذا يعني حلول قطر في المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة للاحتياطي بعد كل من روسيا وإيران واللتين تمتلكان 21.4 في المائة و15.9 في المائة على التوالي. كما تتميز قطر في مجال الإنتاج حيث تعتبر أكثر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم بعد إقصائها إندونيسيا عن هذه المكانة قبل عدة سنوات. تبلغ الطاقة الإنتاجية لقطر من الغاز الطبيعي المسال 77 مليون طن سنويا. ولدى قطر زبائن لمنتجاتها في مختلف بقاع العالم ابتداء من اليابان ومرورا ببريطانيا وليس انتهاء بالولايات المتحدة. وعلى هذا الأساس تتربع كل من السعودية وقطر على عرش تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على التوالي وفي ذلك رحمة للعالم. نقول ذلك بالنظر للدور المسؤول الذي تمارسه دول مجلس التعاون الخليجي فيما يخص الأمور المرتبطة بالقطاع النفطي بدليل استعدادها لسد النقص من المعروض متى ما كانت الحاجة الماسة كما في الحالة الليبية. بل تعد دول مجلس التعاون جهة يمكن الوثوق والاعتماد عليها فيما يخص إنتاج وتصدير النفط والغاز والمشتقات النفطية مثل المنتجات البتروكيماوية. كما تتحاشى دول الخليج الدفع بالأسعار لمستويات مرتفعة وبالتالي عدم إثقال كاهل الدول المستوردة خصوصا الفقيرة منها بل ديمومة الاقتصاد العالمي برمته.