11 سبتمبر 2025
تسجيلكانت تشع بالحياة، وكل ما فيها ينبض بالأمل؛ لأنها إنسانة صادقة مع الجميع؛ لذا فلقد كانت المفضلة لدي، ولم تكن مجرد صديقة بل الأفضل على الإطلاق، وعليه فلقد دامت صداقتنا لأعوام طويلة جداً، لم يُقدر لها بالتجمد إلا بعد أن رحلت إلى مكان آخر؛ بسبب أمنية لطالما رغبت بها، وسطعت في أعماقها دون أن يعلم بأمرها؛ ليشاركها تلك الحكاية الجميلة سواي، ودون أن تعلم هي ذاتها بأن تلك الحكاية لن تستمر طويلاً على ذات المنوال. ككل الفتيات فلقد كانت تلك الصديقة، تحلم باليوم الذي ستصبح فيه زوجة وأماً لأبناء الرجل الذي لطالما حلمت به، دون أن يدرك بأنها تفعل، فحبها له لم يتجاوز حدود الإعجاب البريء من طرف واحد فقط، اكتفت برسم تفاصيله وملامحه بينها وبين جدران ذاك القلب، الذي ظل يدعو الله طويلاً؛ كي يفوز بما يريد، وكان له ذلك حين تقدم ذاك الرجل دون سواه لخطبتها، وخطفها من الجميع، إلى مكان آخر بل وحياة أخرى رحلت إليها مُكللة بكثير من الأمنيات الصادقة بأن يدوم الحب، ويصل بهما إلى قمة السعادة، والحق أنه ما حلمنا به لهما، وتوقعناه. في البداية كنت متابعة لحياة تلك الصديقة ولكل جديد يطرأ عليها، ثم جرفتني الحياة بعيداً نحو تلك الالتزامات التي أجبرتني على نبذ أغلب الأشياء التي اعتدت عليها، والتركيز عليها فقط، حتى انغمست بها، وكللني التقصير من كل جانب، وأصحبت بعيدة جداً لا علم لي بما يدور مع الآخرين، وتحديداً مع تلك الصديقة، التي وردني اتصالها منذ أيام فقط، وكان وأن تلقيته بكل شوق؛ لمحادثة صديقة عمري، التي تركتها مع حب حياتها، ولكنها عادت إلي بحياتها دونه ذاك الحب، إذ بدت مُتعبة حين تحدثت معي بصوت شاحب اكتسحه الخوف من مصير كانت تدركه ولكنها ظلت تتجاهله، ومن نهاية حكمت على تلك المحادثة بالشتات حتى من قبل أن تبدأ. كان صوتها يرجف من شدة الحزن، وكنت بدوري قلقة من عدم قدرتي على احتواء الموقف، الذي خضع للصمت للحظات ثم انفجر حين بكت، وصرخت قائلة (ساعديني، فحياتي على وشك أن تنهار، والسبب إني أنثى لا حول لي ولا وقوة) ثم انقطع الاتصال؛ معلناً نهاية تلك المحادثة التي ظلت عالقة في رأسي، ولم تسمح لي بفعل أي شيء سواه التفكير بمصير تلك الأنثى وغيرها.حقيقة ستغير الكثير من الأشياءما أعرفه عني ولا يعرفه سواي هو أني: لا أنحاز ولكني أتأثر وأميل نحو من يؤثر علي؛ لأسباب شرعية تُبيح لي ذلك؛ لذا كثيراً ما تؤثر علي تلك القصص التي تُروى وأسمعها من شخصياتها التي تبث فيها الحياة، وأعيش بفضلها كل تلك التفاصيل، التي أبثها فيما بعد من خلال كلماتي التي تطل عليكم بأشكال مختلفة، منها ما قد ورد في هذا المقال، الذي قضم تفكيري ولأيام قبل أن يكون، فمن نتحدث عنها هنا، ليست صديقتي فحسب، ولكنها تلك الأنثى التي تعيش بداخل كل أنثى، ولا تلتفت إليها فحسب، ولكن إلى كل من حولها ممن يهمها أمرهم وتحرص على أن تبذل كل ما في وسعها؛ كي تبث السعادة فيهم، حتى وإن تطلب منها ذلك تقديم الكثير، والتنازل عن الكثير أيضاً، وهيهات أن يكون لها ما تريد كما تريد وفي الوقت الذي تريد فيه ذلك أيضاً.لماذا وقع الاختيار على هذا الموضوع؟ وهل شركة الحياة الزوجية للزوجة فقط؟على الرغم من أن ديننا الإسلامي الحنيف قد كفل للمرأة حقها، الذي لن يضيع متى التزم كل واحد منا بدوره، إلا أننا قد اعتدنا في مجتمعاتنا الشرقية على رؤية الزوجة وهي تتحمل كل شيء؛ لإنجاح حياتها الأسرية، حتى وإن كان في ذلك ما سيحرمها فرصة التمتع بكل لحظات الحياة الجميلة، التي تحتاج لمن تترقبها ومن ثم تراقب نفسها وسطها وهي تعيشها بالطول وبالعرض، والحق أنه ما يكون من الزوجة وتُقدم عليه (مُكرهة) يجرها نحو فعل ذلك حرصها على (الستر)، وخوفها من (الطلاق) الذي تتعامل معه على أساس أنه فضيحة وللأسف الشديد ستؤثر عليها كثيراً بخلاف ما يحدث للزوج، الذي ومتى قرر الانسحاب من العلاقة التي تربطه بها فسينسحب دون أن يهزه أي شيء، في حين أن تلك ستظل قلقة من شدة الخوف، الذي سيُجبرها على العمل وبجد؛ كي تضمن الستر، وعدم الكشف عن حقيقة ما يحدث خلف الكواليس من ظلم بحقها وبحق ما تبقى لها من كرامة، لن تُصرفه على ذاتها، ولكن على محاولاتها المستميتة لإنقاذ حياة لربما تستمر، ولربما لن يكون لها ذلك، فهو كل ما يعتمد على ما ستبذله من صبر (تحسب بأنه سيمنحها المزيد من الوقت) دون أن تدرك أنه ما لن يعود عليها بشيء من الفائدة ما لم يكن منها ومن الآخر الذي يُدعى (زوج) ويجدر به بأن يكون كذلك، بل ويتصرف على ذاك الأساس؛ لأنه وإن فعل فسينقذ تلك الشركة من الانهيار، وسيحافظ على الإنتاج بقدر يسمح له بأن يكون الأفضل على الإطلاق، مما يعني أن الأمر لا يعتمد على طرف دون آخر، بل على الجميع، والأمل بأن تصل الرسالة.وماذا بعد؟لقد رغبت بفعل المزيد من أجل صديقتي، وكل من تعاني مثلها، ولأن الموضوع أكبر من أن تحتويه صفحتي الأسبوعية، فلقد قررنا دراسة الموضوع خارج حدود هذه الصفحة، من خلال تواصل سيمتد (لفترات طويلة)، سيُحقق المُراد وبإذن الله تعالى، وهو ما قد تعمدت ذكره لكل من سينتابه الفضول وسيتناوب عليه حول ما حدث لصديقتي، وما سيدور في حياتها بعد حين، لاشك سأتطرق إليه حين تصبح الرؤية أوضح، وإلى هنا يكفي بأن أشير إلى أن الحياة فيها الكثير مما يحدث خلف الأبواب ولا نعرف عنه إلا ما يصلنا منه فقط.من همسات الزاويةحين يتعلق الأمر بك وحدك، فلاشك أن مهمة تقرير المصير تعتمد عليك، وتُسند إليك بالدرجة الأولى فما نتحدث عنه هو (أنت)، ولكن وحين يتعلق الأمر بك وبغيرك فلاشك أن مهمة تقرير المصير ستكون مناصفة بينك وبين الآخر، الذي يهمه تحسين ما بينكما والوصول به إلى بر الأمان بقدر ما يهمك أنت أيضاً، وعليه لا تفكر بنفسك، وتستند إلى قدرتك على إدارة الأمور؛ لتوجيه حياة ليست لك وحدك، بل لآخر غيرك يستحق منك محاولات جادة؛ للنهوض بما قد سقط من قبل ويحتاج لفرصة أخرى للتعويض عن كل ما قد فات.