29 أكتوبر 2025

تسجيل

درب الحياة

23 أبريل 2013

الفوضى التي تفرضها الأوضاع الراهنة تجبرك على تقبل كل تلك الحالات المتقلبة والمتشقلبة، التي تمر عليك وأنت تسير بخطوات تُقَبِل درب الحياة، فالوضع الذي يصدمك بواقع يحتاج منك مواجهته بشيء من الغضب، تفرزه وأنت مقتنع بذلك، يتبعه موقف لا يخطف من الزمن سوى لحظات تهرع إليك؛ لتنقلب معها ويتغير وضعك وعلى الفور، وهو ما يحدث معك ومع غيرك، حتى ان الأمر قد أوشك على أن يصبح مقبولاً؛ لأنه وإن لم يكن كذلك؛ لشعرت بغرابة الموقف، وغربة نفسك معه، فما ستجده من الآخرين هو تقبلهم لكل ما يحدث، أي أنه ما سيجبرك على فعل ذلك أيضاً؛ كي تمضي الحياة في سبيلها وأنت تلحق بها؛ بحثاً عن ضالتك، التي تدركها وتدرك حقيقة أنك تود الوصول إليها، والعثور عليها. ما قد بدأت به مقال هذا اليوم هو ما نشعر به وإن لم نُعلن عنه فهو ما يحدث معنا؛ تلبية لأي سبب من جملة تلك الأسباب التي ندركها دون أن يفعل غيرنا، وما يفرضه الواقع الآن هو أن سلسلة الأحداث التي تأخذ من جسده هذا (الواقع) مساحة عظيمة (سريعة جداً)، لا تسمح لأي أحد بأن يلتقط أنفاسه أبداً، إذ سرعان ما نجدها وقد لفظت جديداً قُدر له بأن يكون (قبلنا به أم لم نقبل)، والأدلة كثيرة دون أن نتطرق إليها، وكل ما عليك فعله؛ كي تدركها هو أن تُمعن النظر بقلبك وكل ما يجري من حولك، وما يُحدثه من صخب في حياتك وإن كان هادئ الطباع من الأصل؛ لتعرفه وتتعرف عليه جيداً؛ لأنك وبكل يقين ستميزه، فهو ما يمثل الجزء الأكبر من اهتماماتك، التي لا تستطيع الهروب منها مهما غلبتك المهام وتغلبت عليك. إن كل ما تفرضه علينا الأيام يستحق منا الخروج منه بعبرة نعتبر منها؛ ليكون القادم منا أفضل، وما يحدث معنا يجبرنا على هذه الدروس التي نتلقاها في مدرسة الحياة، التي نتعلم منها وإن كان ما نتلقاه قد وقع علينا وقع السيف، فكثيرة هي تلك الدروس القاسية، التي تحمل الفائدة برحمها وإن بدت كأم قاسية جداً، تفعل ما تفعله؛ كي تُربي أطفالها تربية صالحة، ستثمر خير ثمارها وإن كان ذلك بعد حين، تماماً كما يحدث معنا، خاصة حين تقابلنا هذه الحياة بهذه الدروس القاسية، التي يشعر معها كل واحد منا بأنها قد وقفت بوجهه؛ كي تصفعه وحده بعد أن قررت الانتقام منه؛ لسبب لا يدرك عنه سوى أنه يؤكد له على أنه (الأقل حظاً والأكثر تعاسة)، ويستحق تلك الصفعة، وذاك الانتقام، وهو ما يمر على الجميع، غير أن ردة الفعل تختلف في كل مرة، بحسب ما تفرضه شخصية كل فرد ومحتواها، الذي يعالج ذاك الإحساس بشكل يليق به، ويُعبر عن صاحبه، الذي يجدر به بأن يدرك بعد كل شيء أن ما تُدخله عليه الحياة لابد وأن يُعالجه بشكل سليم؛ كي يخرج به منها هذه الحياة، فكما ذكرت لكم منذ زمن بعيد بأن كل ما يخرج منا يعود إلينا، مما يعني أن ما نأخذه نستحقه فهو ما قد سعينا إليه وإن لم نكن لنعلن عن ذلك منذ البداية. في الفترة الأخيرة كثرت المخاوف، وكثرت معها طلبات النصح، فكل فرد يُقبل علينا يحمل حفنة من الهموم الخاصة، التي يدور بها ولا يدرك كيف يعالجها؛ لذا فإن كل ما يسعى إليه؛ ليشعر بالأمان هو البحث عن نصيحة تُخفف عنه ما يشعر به، والحق أن النصيحة التي تصلح معه ومع غيره وستفوز دائماً وبإذن الله تعالى هي هذه التي سيختم بها العمود كلماته لهذا اليوم، ويجدر بك الأخذ بها مهما كانت مشكلتك التي تعاني منها، وأياً كان حجمها وخطرها الذي تخشاه ويخلف في أعماقك من المخاوف ما يقض مضجعك: حَكِّم ضميرك وتحكم برغباتك قبل أن تتحكم بك؛ لتقودك حيث تريد ولا تريد، وتزود لآخرتك بكل عمل سيجعل الجنة من نصيبك، دون أن تستهين به وإن صَغُر حجمه، وتذكر بأن ما يقابله هو الأجر العظيم، الذي سيُكسبك ما تريد وبفضل من الله.